لاشيء أقسى على الناس من أن نزرع فيهم الأمل ونحن نعرف أننا نكذب..الكتابة في الشأن السياسي ليست فقط الدعاية والبروباغاندا..والكتابة خاصة في الأزمات تتطلب المسؤولية والأخلاق ..تتطلب اعترافا وتتطلب وقفة مع الذات..والكاتب مهما بلغت براعته في ممارسة البروباغاندا فانه يستحضر يوميا من قبل من يقرأ له ليحاكمه ويحاكم ضميره وليقرر ان كان الكاتب يستحق أن يمنح الثقة أم أنه يلحق بالسياسيين والمنافقين والمنتفعين والمشعوذين الذين هم عن ضميرهم ساهون . اذا.. ليس المهم أن نكتب بل الأهم ألا نكذب..
ولذلك آليت على نفسي ألا أكتب كلمة واحدة لست مقتنعا بها .. ولن أكتب عن انتصارات لم تحدث أو لن تحدث..ولن أكتب عن توقعات أحلم بها ولاأراها..ولن أمارس خداع النفس وخداع من يقرأني مهما اختلف أو اتفق معي..
مشكلتنا أننا لانزال نعتبر الكتابة -وخاصة السياسية - ضربا من ضروب الفهلوية والشطارة ولدينا مهارات موروثة في الغش بالكلمات وكأننا نكتب بيانات عسكرية يجب أن تكون فيها انتصارات من مثل (وكبدناه خسائر فادحة) أو (وعادوا الى قواعدهم سالمين)..ولذلك لم نخسر معاركنا العسكرية فقط (التي كبدنا فيها العدو خسائر فادحة!!) بل خسرنا معركة الثقة بأنفسنا وبمثقفينا وبسياسيينا..ووجدت أن أكبر أزمة نعانيها في السياسة والثقافة هي أزمة الثقة بما يقال..
في منطق المعارضة السورية تغيب وجهة النظر هذه تماما وتصر المعارضة على منطق ودعاية (وكبدناه خسائر فادحة)..فالمتظاهرون في كل جمعة كما تروي لنا المعارضة "ملؤوا الساحات" حتى صرخت الساحات وطلبت التنفس من ازدحام "الأحرار".. والمظاهرات "تجتاح" سوريا حتى أن من يستمع للجزيرة وفضائيات المعارضة يعتقد أن الصفائح التكتونية العربية والشقوق الزلزالية التابعة للصفيحة العربية لها تهتز تحت الجغرافيا من (خبطة أقدام المتظاهرين السوريين وهدير حناجرهم تنادي للحرية)..
آخر تقليعات المعارضة السورية الصادرة عما يمكن تسميته (ادارة التوجيه المعنوي لدى الاخوان المسلمين) عنوان الجمعة الأخيرة (بشائر النصر) ..عنوان لم يكن موفقا، فهو أشبه ببيان الجيوش العربية عام 1967 التي حطمت الجيش الاسرائيلي لدرجة أن الأخير فرّ من حدود 1948 ولجأ الى 3 دول عربية دفعة واحدة !! ... وعنوان المعارضة قريب جدا من بيانات الجيش الاسرائيلي على تخوم بنت جبيل عام 2006 واعتلائه سطح بيت العنكبوت..ونهاية حزب الله وحسن نصرالله ..فيما كانت رائحة الشواء من داخل الدبابات الاسرائيلية المحترقة تصل الى ايلات والى خياشيم ارئيل شارون على سرير الغيبوبة في مشفى هاداسا .. وكان شباب حزب الله يلعبون الغميضة القاتلة مع لواء غولاني الخطير الاسرائيلي الذي كان يزف لنا "بشائر النصر" وهو يموت في الجحيم...وقد ضاع جنوده في أحراش وادي الحجير لولا جماعة سعد الحريري الذين وجدوهم تائهين وسقوهم الشاي وأعادوا مابقي منهم الى قواعدهم سالمين..
وتتحدث المعارضة السورية عن مظاهرات عديدة وتعدد لنا كل الحارات والأحياء التي انطلقت منها المظاهرات بقائمة طويلة لاتنتهي وهي في النهايه قد تساوي في كل سوريا بحدود 30 مكانا وحيا (ليس في مدن كبرى) وكل المتظاهرين الآن لايملؤون اليخت الذي تصيّف عليه "الموزة" وتدعو اليه عزمي بشارة لكي يحكي لها فيه عن ألف ليلة وليلة..
أية بشائر وأي نصر..؟؟ في جردة حساب بسيطة أين هي بشائر النصر؟ لاتوجد مدينة سورية واحدة اليوم خارج سلطة الدولة ..ولاتوجد مدينة واحدة فيها حواجز وزعران وبلطجية يسمون أنفسهم ثوارا..لم تعد هناك مدينة واحدة أغلقت فيها الشوارع والأحياء ومنع الموظفون من التوجه لأعمالهم...عصابة بانياس المتمردة في القفص مع أنس عيروط..وعصابة حماة طارت كأسراب الغربان ..وباقي عصابات جسر الشغور تعيش على الاعانات التركية وعلى موائد أردوغان (ليس الى وقت طويل طبعا).. وبابا أردوغان مشغول عنهم الآن بمسرحية جديدة من مسرحياته الاستعراضية بعنوان أطفال الصومال..
مايحدث الآن أعمال مجموعات صغيرة مرهقة متناثرة ..تهجم على مخفر في قرية نائية أو تطلق رصاصا على دورية أو تجمع..وهذا يدل على الارهاق الشديد للقوى العسكرية المسلحة للمعارضة التي باتت تلجأ لعمليات استعراضية لتثبت أنها لاتزال على الأرض..وهؤلاء متناثرون أكثر من تناثر أمراء السعودية في خمارات العالم وكازينوهاتها..ودليل تعثرها وخيبتها أن ضحاياها لهذا الاسبوع من رجال الأمن أقل من غيره ..هذه العمليات ينفذها أفراد لايحتاجون أكثر من بضعة مسلحين فيها ...لكن القطعان الكبيرة الشرسة منهم اختفت..
لم يبق من بشائر النصر الا خروج أوباما عن طوره ومفاجأة العالم بطلبه الرئيس السوري بالتنحي ..حيث اضطر الرئيس أوباما لشحن معنويات الباقين من المعارضين بهذا الطلب ..وتتنفس المعارضة الصعداء وتهددنا متوعدة بيدها لأنه لم تصدر عن رئيس دولة أميريكا دعوة كهذه من قبل ضد رئيس ..الا وسقط..
وقد تابعت بنفسي كل المحطات العربية والأجنبية التي هوّلت من الأمر وكأن جهنم قد فتحت على النظام لكن العقلاء من المحللين الأمريكيين والبريطانيين اكتفوا بالابتسام عند سؤالهم عن مدى أهمية هذه الدعوة...وقالوا مامعناه: ثرثرة لامعنى لها في علم المعادلات السياسية..وذكروني بمعادلة جوزيف ستالين: انتصار الاشتراكية متعلق بما يمكنك أن تزج به من الدبابات..وغني عن القول ان أوباما اليوم مفلس بالكاد يستطيع الحرب..
وبالمقابل في نفس الوقت بدأ الآن تحالف الممانعة اللعب مع اللاعبين الحقيقيين في الثورة السورية وهم (الأمريكان وأردوغان) وترك الصبيان والصغار ...لعب التحالف بقصاصات صغيرة من أوراقه فولعت العمليات في أفغانستان والعراق .. وولعت بين حزب العمال الكردستاني وأردوغان .. وتمت عملية ايلات ..
الأسد يسحب الجيش الى ثكناته بعد أن اطمأن الى أن أوغلو قد فهم درسه عند لقائهما الأخير وعرف أن الجيش السوري يحتاج بضعة أيام للتنظيف ولذلك تحدث أردوغان عن مهلة أسبوعين وهي في الحقيقة اتفاق بين الطرفين (ظهر جليا في اعتراف أوغلو بعظمة لسانه بوجود مسلحين وتمنيه أن تواجه السلطات السورية المسلحين ..) وسيلمّ بموجبه الأتراك بضائعهم السلفية ويعودون الى بلادهم لاعادة تصفير المشاكل التي انفلتت والتي ستقبل أي شيء الا التصفير...ورحم الله أصفار أوغلو الى الأبد..
الجو المحيط بقوس الأزمات السوري الايراني يلتهب فيما تخمد النيران رويدا داخل القوس..ولنتذكر اللعب السوري – الايراني مع الكبار في العراق ..اللاعبان نجاد والأسد اعترف بقدرتهما وسطوتهما غلى الأرض تقرير بيكر-هاميلتون رغم أن الاثنين لزما الصمت والعمل الهادئ .. كان مارك كيميت (نائب قائد المنطقة العسكرية الأميركية للشؤون الإستراتيجية والتخطيط) يهدد الجميع في سوريا وايران لكن جنوده كانوا يتساقطون كالذباب بالعشرات ولم يقدر على فعل شيء ... ولذلك نجح أوباما الملون في كسب تأييد الامريكيين رغم سواد لونه في بلد تقاليده أن يحكمه الرجل الأبيض طالما أنه سيأخذهم خارج الجحيم ...العراقي..وأوباما مدين للسوريين والايرانيين في تسهيل وصوله الى البيت الأبيض على وقع ضربات المقاتلين المقاومين العراقيين الذين كان السوريون والايرانيون يحركونهم ويساندونهم....
------------------------------
عطوانيات:
لاأدري ماذا يريد عبد الباري عطوان ..آخر تقليعات عبد الباري أن عملية ايلات التي لم تتبناها القاعدة ولم يهرول قبضايات القاعدة لنسبها لهم والمباهاة بها لتبييض وجوههم فان عطوان قرر سرقة جهد المقاومين الأبطال واهداء هذه المسروقات لتنظيم القاعدة ..وقال ان قيادة القاعدة الجديدة المتمثلة بأيمن الظواهري هي التي "من الممكن" قد قامت بالعملية..وذكّرنا عطوان أن الظواهري مصري وأنه الآن ربما يوجه التنظيم نحو الجهاد ضد اسرائيل. الغريب أن اسرائيل قامت فورا بالرد على مقاتلي غزة لأنها تعلم أن غزة هي التي تقاتل وليس القاعدة..
مقال عطوان ياسادة كتب في تل أبيب ..المقصود بمقال عطوان هو التالي: ان القوى السلفية الناهضة الآن تتجه نحو قتال اسرائيل وان الخوف من سقوط الأنظمة الثورية والممانعة لم يعد له مبرر لأن وصول السلفيين والاسلاميين هو ضد اسرائيل بدليل عملية ايلات التي كان عطوان الشخص الوحيد على هذا الكوكب قد نسبها للقاعدة ..حتى أن أيمن الظواهري نفسه عندما سيقرأ المقال سيقول: "أيوه ..الدكتور أيمن الظواهري شخط ياعطوان ..أيوه شخط .. بس لا هو ماشخطش أوي يعني"..
في الدعاية العطوانية رسالة خطرة مفادها أن الثورات العربية قد يتولاها اسلاميون سلفيون .. لاداعي للخوف منهم لأنهم وجدوا طريقهم الى اسرائيل أخيرا بعد رحيل مبارك الذي منعهم ..ورحيل الأسد سيطلق حرب التحرير ..فعليكم الترحيب بالعرعور ورفاقه المناضلين الذين يظلّهم أبو متعب وحمد وهيلاري وأوباما "يوم لاظلّ الا ظلهم"..
في تحليل عبد الباري عطوان البائس تناقض فظيع بل وادانة للشيخ الراحل أسامة بن لادن الذي تولى عطوان الدفاع عن منجزاته ..فمعنى كلام عطوان أن بن لادن كان يمانع في قتال الاسرائيليين بينما مكّن غيابه الظواهري من الانفلات من سلطته ..بن لادن اذا لم يكن راغبا بقتال الاسرائيليين ومجرد غيابه أطلق العمليات من جبهة مصر..هل كان بن لادن اذا حاميا للحدود الاسرائيلية؟
--------------------
العبودية لايباك..لاتشتر العبد الا والعصا معه..
أوباما ككل الرؤساء الأمريكيين لايستطيع أن يحيد عن الخط الذي ترسمه له معاهد السياسات الامريكية وكبريات الشركات .. ومؤسسات ايباك الصهيونية ..وككل رئيس أمريكي تستطيع أية جهة من الشركات وجماعات الضغط طلب التنحي منه اذا ما حاول أن يشذ عن المخططات وهو بالتالي مجرد ناطق رسمي..أوباما هو عبد من عبيد ايباك الصهيونية وناطق باسمها..وطلب التنحي الذي وجهه للرئيس الأسد طلب ايباكي بجدارة..
وهانحن قادمون على العيد فيما يرسل لنا أوباما رسائل التنحي للأسد وهي مهينة للشعب السوري...لكننا سنترك للمتنبي هذه المرة أن يخاطب أوباما كما خاطب كافورا الاخشيدي ..وكأني بالمتنبي يرانا الآن وقد "تنبأ" بدقة بهذا الزمن
المتنبي الذي غادر حلب حزينا وغادر صديقه سيف الدولة البطل الذي أحبه.. وبقيت حروب الأخير مع الروم مثار اعتزاز المتنبي رغم كل الخلاف معه ورغم حادثة دواة الحبر المزعومة التي قيل ان سيف الدولة قد ضربه بها... رحل المتنبي الى مصر حيث كافور الاخشيدي يحكمها..لم يحتقرالمتنبي كافورا بسبب لونه الأسود (ولافرق لأبيض على أسود الا بالتقوى)بل بسبب أخلاق العبودية التي تحلى بها .. حتى أنه قال ذلك صراحة لكافور عندما قال:
انما الجلد ملبس، وابيضاض النفس ... خير من ابيضاض القباء..
ولكن الأبطال لايتكررون كثيرا فيما العبيد يملؤون الدنيا ..وكما العبيد (بالمعنى وليس باللون) لايجرؤون الا على العبودية لسادتهم وأولياء نعمتهم فان أوباما له سادة وأولياء نعمة ..
وعندما عرف المتنبي أن العبيد ليسوا فرسانا ولايمكن أن يكونوا، غادر مصر سرا وترك هذه الرسالة لكافور وهي بالضبط مايمكن أن نقوله في زمن أوباما قبل عيد الفطر:
عيـد بأية حال عـدت يا عيـد .............بـما مضى أم بأمر فيك تـجديد
أما الأحـبة فالبيـداء دونـهـم................فليـت دونك بيد دونـها بيـد (والأحبة هنا هم في حلب حيث سيف الدولة)
صار الخصـيُّ إمام الآبقيـن بـها .................فالـحر مستعبـد والعبـد معبـود
لا تشتـر العبـد إلا والعصا معـه............أن العبيـد لأنـجاس مناكيــد
ما كنت أحسبنـي أحيا الى زمـن ...........يسـيء بي فيه كلب وهو مـحمود
وأن ذا الأسود الـمثقوب مشفـره .........تطيعـه ذي العضـاريط* الرعاديـد
من علّـم الأسود المخصيَّ مكرمـة؟........أقـومه البيـض؟ أم آباؤه الصيـد؟
أم أذنـه فـي يد النخـاس داميـة ......... أم قـدره وهو بالفلسيـن مـردود
أولـى اللئـام أويبيم** بـمعذرة .........في كل لـؤم وبعض العذر تفنيـد
وذاك أن الفحـول البيض عاجـزة .......عن الجميل فكيف الخصية السـود
** أويبيم: تصغيروتحقير لأوباما والكلمة الأصلية هي كويفير (تصغير واحتقار لكافور)
العضروط: هو الخادم الذي يعمل بقوت بطنه فقط .. فمن هم العضاريط (أو المضاريط .. لافرق) الرعاديد الذين تحدث عنهم المتنبي ويطيعون أوباما؟؟ بالطبع لدينا عضاريط ولدينا ..عكاريت !! .. منهم:
العضروط أبو متعب- العضروط العكروت أردوغان – العضروط حمد – العضروطة موزة- العضروط بندر بن سلطان – العضروط المضروط الممعوط سعد الحريري .. العضروط الملووط عدنان العرعور
والعكاريت ...عزمي بشارة ورياض الشقفة وأيمن عبد النور وعبد الباري عطوان وطارق الحميد وبرهان غليون وهيثم المناع .. وأستثني هيثم المالح لكبر سنه ..