من يتابع الاسلاميين هذه الفترة في العالم العربي يستطيع أن يستنتج أن الحركات الاسلامية قامت باجراء مراجعة شاملة لتجربتها عبر العقود الماضية والتي تكللت بالهزائم والتراجعات والانتكاسات والهزائم ..وقد ساهم الاندحار العسكري في عدة تجارب خلال عدة عقود على أن ترغم هذه الجماعات على الجلوس واعادة النظر في تكتيكاتها التي اعتمدت على العناد السلوكي والتحدي والمجاهرة بالأهداف العالية السقف التي لاتقل عن الاستيلاء على السلطة بحكم ارادة الله الذي لاراد لارادته وبناء المجتمع الاسلامي واقامة دولة الخلافة..
وساهمت عملية القمع التي قامت بها السلطات الحاكمة في الدول الاسلامية والملاحقات في كل العالم لرموز الحركات الاسلامية في جعل المراجعات على الاستراتيجيات والتكتيكات التي تتبعها هذه التنظيمات حتمية وضرورية.. وبدات ملامح المراجعات التكتيكية في الاعلان ان "عبود الزمر" أحد القادة والمنظرين الرئيسيين للتيار الاسلامي في مصر أصدر كتبا في سجنه يعبر عن اعتداله ويعلن انشقاقات عن رأيه في عملية تطبيق الجهاد .. بل واعتبر "الزمر" أن الرئيس أنور السادات شهيد وهو الذي أرداه التنظيم الاسلامي نفسه صريعا برصاصات خالد الاسلامبولي .. وزاد الزمر على ذلك بأن اعتذر عن عملية قتل السادات ..وقيل أيضا ان الشيخ عمر عبد الرحمن أحد أكبر منظري الحركات الجهادية المصرية قد تبرأ من قتلة الرئيس السادات أيضا ..وكان قد أعلن تأييده لمبادرة وقف العنف عام 1997!!هذا التراجع عن فتوى بحجم فتوى قتل أنور السادات وتعطيل الجهاد كانت له دلائل ..لم تقرأ بدقة ولكن يمكن فهمها الآن في ضوء مايحدث..
ومن يقوم باجراء مراجعات فاحصة لخطاب هذه التنظيمات يجد أنها قامت بعملية تفاوض شاقة مع نفسها وقامت بعملية قلع ذاتيه للأظافر والمخالب والأسنان وجدع الأنف لغاية في نفسها .. وان فلسفتها النظرية لم تتغير على الاطلاق بل تمت عملية تغيير في طريقة تسويق المنتج .. بحيث أن المنتج الفكري الاسلامي بقي نفسه ولم يتغير تركيبه ومذاقه ولكن التغيير طال الغلاف الخارجي وعملية التعليب ورافق ذلك عملية تحطيم للمفاهيم السائدة عن ثوابت الاسلاميين وتغيير الصورة النمطية التي احتفظوا بها ..وجرت حملة دعائية لمنتج جديد باسم جديد سمي "الربيع العربي" الديمقراطي ..
والأهم من ذلك أن هذه التنظيمات قررت بعد اجرائها المراجعة الكبرى أخيرا التسليم والاعتراف بأن مرحلة الوصول الى السلطة لن تتم الا عبر المرور بالموافقة الغربية وبالتحديد الامريكية ..وكان لابد من ثمن والدلائل تشير الى ان ثمنا ما قد تم تسديده أو الاتفاق عليه ..وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا..
الخطاب الاسلامي الحديث يستعمل كل أدوات العملية الانتخابية المراوغة فهو بالرغم من انطلاق ثورجيته من المساجد وفي يوم الجمعة تحديدا وبالرغم من استعماله النداءات الدينية والجهادية فانه حريص جدا على أن يستعمل الكلمات الرقيقة التي قامت من اجلها الثورة الفرنسية والبلشفية وهي الحرية والعدالة والمساواة للجميع .. وأضاف اليها حديثا كلمة وشعار "الديمقراطية" لدغدغة المشاعر الغربية التي تعتز بملكيتها الفكرية والانسانية لهذا المصطلح ..والديمقراطية تعتبر آخر صيحات الثورات التي تمنحها صك البراءة وبطاقة المرور الى الاعلام الغربي .. فلا يستطيع معترض أو ناقد لهذه الثورات أن يرفض طلبها بممارسة الديمقراطية والحرية ..ويصر المتظاهرون فيها على حمل اللافتات ذات البعد العاطفي التحرري الديمقراطي رغم أنهم يحملون السلاح أيضا تحت ثيابهم..
وانتهج الخطاب الاسلامي الجديد مبدأ تطبيق فكرة الهولوكوست .. وبدت التجربة مفيدة جدا ..فبدل استعراض القوة الاسلامية التي كان الرعيل الاول يباهي بها ويصر على اظهار بأسها وقوتها واعتدادها بنفسها ونأيها عن الخضوع والذل، والمباهاة باستشهاد الأبطال انتقل الاسلاميون الجدد الى تكتيك الهولوكوست أي الى استدرار عطف الجمهور وسياسة البكائيات المباشرة .. وفي تجربة الهولوكوست لوحظ أن المحرقة لم يتم تصويرها بوثائق وأفلام حقيقية بل ان كلمة هولوكوست لم تظهر الى الوجود الا في نهاية الستينات لذلك تمت عملية تصنيع الوعي عبر مشاهد سينمائية من خلال مئات الأفلام وجوائز الأوسكار التي جعلت منها شيئا من التراث الانساني وكأنه لامفر منه .. وبالطبع فان عملية استعطاف الاقوياء والرأي العام كانت عمادا اساسيا ناجحا في ترويج ضرورة تفهم أمن اسرائيل والنظر بتفهم الى عنف اسرائيل والاغداق عليها بالصفح والغفران..والعيون العمياء عن وحشيتها..
وقد التقط الاسلاميون الفكرة التي قدمت لهم كنصيحة مخلصة وبدا أن هوليوود كانت جاهزة عبر استوديوهات الجزيرة والعربية لتسويق هولوكوست مصغّر ومن خلال مكاتب اعلامية تعمل لايصال الدم الى كل العيون ولاستحضار العطف من المشاهدين وتحريض المحايدين على اللاحياد ..وماتم كشفه من تزوير ومشاهد هوليوودية على يد ثورجية سوريا كان بداية الكشف عن هذا التكتيك..وللأسف فان التكتيك بدئ به بنجاح في كل الثورات العربية وبالذات في ليبيا التي لم نكتشف عملية التزوير الا متأخرين عندما كشفت صحفية بريطانية كانت في ليبيا أن الجزيرة وأخواتها اعلنت عن سقوط 6000 قتيل في ايام قليلة فيما كان عدد الضحايا لايتجاوز 250 بسبب الاشتباكات .. وبالطبع لانزال لانعرف الجهات التي اطلقت النار عليهم ولاتزال أسرار تلك المرحلة مغيبة لصالح الثوار ..ولو ان الكلام بدأ يشير الى تورط جهة ثالثة في القتل لاطلاق مبررات الثورة..ومبررات المجزرة الكبرى في تحرير ليبيا..
وفي ثنايا الثورة السورية الاسلامية يلاحظ أنه بخلاف خطاب الاخوان المسلمين في الثمانينات الذي اتصف بالصلف والمكابرة واطلاق بيانات عسكرية تحدثت عن مقاتلين استشهدوا في معارك مع (كلاب النظام) فان التكتيك الجديد اعتمد على العكس من ذلك تماما وهو الظهور بمظهر الضحية الضعيفة التي تذبح من غير ذنب ولامقاومة ولايكون لها ردة فعل سوى الصبر والبكاء والدعاء لله والشكوى لذوي الضمير والمجتمع الدولي .. بل واتبعت أساليب في غاية الخبث عن طريق الحديث عن مقابر جماعية (مصطلح هولوكوست لم يسمح لها باستعماله لأنه مصطلح له قداسته وخصص لليهود واكتفي بترويج مصطلح القبور الجماعية لتقريب الذاكرة الغربية من أعمال صدام حسين) ..وتبين أن الثورة السورية كانت تستعمل ضحايا الخصم لدفنهم وتصويرهم على انهم ضحايا الجيش والسلطة (عملية جسر الشغور) ..وحتى هذه اللحظة رفضت جهات الثورة قاطبة وكل أعضائها الاعتراف بأية عملية عنفية بل وصادرت أرقام شهداء الجيش والشرطة عنوة واضافتهم الى رصيدها من الضحايا في عملية سطو وسرقة حتى للضحية والجثامين ..والأسماء ..وسوقتهم على أنهم ضحايا النظام
ومن يقرأ أدبيات الثورجيين الاسلاميين يعتقد أنهم كانوا شركاء في نداء حقوق الانسان الذي أطلقه الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون بعد الحرب العالمية الأولى ..وهم يطلقون معسول الكلام ويهدئون الجميع من القلقين من العلمانيين والأقليات من أن وصولهم الى السلطة سينعكس خيرا على العلمانية والأقليات ..وأن الأنظمة القمعية هي التي شيطنت الاسلاميين وقد أضفت عليهم سمعة رهيبة مشينة لتبرير عنفها ضدهم ..وأن الشرق -ان وصل الاسلاميون للسلطة- سيتنفس التسامح من أفواههم ويرضع المحبة من أثداء الحركات الاسلامية الحاكمة وسيأكل من بيادر الوطن الاسلامي السخي المعطاء..
ومايثير الريبة من هؤلاء الاسلاميين هو تلك الصفقة التي تمت في الخفاء مع الغرب لمنحهم بطاقة العبور الى السلطة .. فالغرب الذي أقام الدنيا وأقعدها من الاسلاميين والمهاجرين ويرفض حتى الحجاب والمآذن في بلدانه ابتسم لهؤلاء الاسلاميين وربت على ظهورهم حتى أن أحد الوزراء البريطانيين في حديثه على ال بي بي سي طمأن مشاهديه البريطانيين من أن الاسلاميين في سوريا هم اسلاميون معتدلون ولامبرر للخوف منهم .. كما أن الدعم الكبير الذي لقيه اسلاميو سوريا من رعاية مباشرة يومية من ادارة اوباما وزيارات السفير روبرت فورد الميدانية الى معاقل الثورة الدينية تدل على ان الاسلاميين قد قبلوا الصفقة وتم الاعتراف بهم أخيرا.. اعتراف غربي يثر الريبة والحذر الشديد لأن الغرب نفسه لايزال مصرا على تصنيف حماس وحزب الله كحركات اسلامية ارهابية رغم أن كلتا الحركتين لم تصلا الى السلطة بالسلاح ولابالثورات بل عبر صناديق الاقتراع .. أما الثورات العربية الاسلامية وعنفها الفاقع فهو مرحب به..
يخطئ كثيرا من يعتقد أن الغرب هو من أجرى مراجعة لأنه مهزوم من تقدم الاسلام السياسي وأنه هو من قام باعادة النظر بالاسلاميين من باب قبول الأمر الواقع ..ويخطئ أكثر من يعتقد أن الغرب مرهق من التعامل مع الاشكال الاسلامي وأنه قرر التسليم لهم مقابل صفقة عادية تسلم لهم السلطة بمقتضاها مقابل الأمان لاسرائيل ..
في الغرب لايخرج قرار اعتباطي قبل موافقة مؤسسات كبرى عليه استخبارية ومعاهد أبحاث .. والمؤسسات الكبرى وجدت أن اسلام جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والخميني له مساوئ ومضار جمة.. وأن عملية مواجهة الاسلام الثوري لاتتم عبر مواجهته -ليس بسبب الكلفة فقط - بل بسبب توفر البدائل الأفضل خاصة أن هناك مبدأ في السياسة الأمريكية وضعه هنري كيسنجر يقول: ماتستطيع تقطيعه بالملعقة لاتقطعه بالسكين !! وهناك مبدأ آخر يقول "لن تروض الجواد حتى تعتلي ظهره" .. ولذلك لابد من ركوب هذا الاسلام .. ومن ثم قيادته بلجام قوي بالاتجاه وبالسرعة التي نريدها..وأنت على ظهره..
الغرب كان يدرك المرارة التي يحسها الاسلاميون من نكساتهم وهزائمهم وكانت لديه كل المعطيات أن الاسلاميين قد نضجت جلودهم وكسرت عزيمتهم وأنهم بحاجة ماسة شديدة للوصول الى السلطة لاثبات أن لديهم نظرية صحيحة حول قيادة الدولة وقيادة المجتمع .. وكانت قنوات الاتصال معهم قد فتحت بهدوء منذ التسعينات وظهرت الاشارة بتجريبهم عبر السماح لأول هذه الطلائع الاسلامية الجديدة بالمرور الى السلطة في تركيا دون تدخل الجيش فظهر أردوغان وحزب العدالة الذي رأى بأم عينه كيف ان المؤسس الروحي للحركة الاسلامية نجم الدين أربكان قد أزيح بليل بواسطة الجيش لانه لم يقدم الثمن .. وأنه لم يقدم على مراجعة تكتيكات الحركات الاسلامية بشكل كلي وبالذات من حيث المقايضات.. وبالطبع كان أردوغان الرجل الذي يعرف كيف يفاوض ..ويدفع الثمن..ويراجع التكتيكات..ويقايض..
سذاجة الحركات الاسلامية تستدعي الشفقة لأنها تعتقد انها تقوم بعملية خدعة كبرى وتمويه على مبدأ (الحرب خدعة)..وانها ستأكل بعقول الغربيين حلاوة لأنها بعد تسلمها للسلطة ستمكن لنفسها في المجتمع والسلطة ثم تنطلق لتخلع الأثواب الضيقة التي ارتدتها وتلقي بالشعارات المستوردة وتبني لنفسها الدولة الاسلامية ودولة الخلافة..وتصبح قوة مستقلة تفاوض من تريد وتملي ارادتها على من تريد..كما فعل أردوغان ..ويغيب عن هذه الحركات أن أردوغان نفسه ليس مستقلا وأنه لم يجرؤ على تحرير تركيا من حلف الناتو ولا على اعادة الحروف العربية القرآنية للغة التركية بل وأجبر على تغير أحكام قضائية شرعية اسلامية في عملية تشبه عملية اعدام كاملة وذبح لآيات قرآنية..من الوريد الى الوريد..وسماها الغربيون سخرية عملية (ختان القرآن)..هذه السذاجة والطفولة السياسية هي سمة الاسلاميين الجدد الذين ضيعوا ماأنجزه الرواد الأوائل للحركة الاسلامية من سمعة التمسك بالمبدأ والمجاهرة به والثقة بنصر الله ودين الاسلام والثقة بما لدى الثوار من امكانات وتأييد الله لهم .. (لاتحزن ان الله معنا) ..
والغاية الرئيسية من اطلاق الحركات الاسلامية المحمولة على جناح الربيع العربي هو كسر الحركات الاسلامية التي وصلت الى السلطة بالانتخاب أو هي متحالفة مع السلطة وتسير بالاتجاه المعاكس في المنطقة وبالذات بالعقلية الجهادية ضد الغرب واسرائيل (ايران وحزب الله وحماس) وهي في غنى عن المساومات بسبب امتلاكها السلطة..
وبالطبع هناك غاية أخرى أشد خبثا وهي اعادة انتاج الصراع الداخلي في المجتمعات العربية التي بدأت رحلة مابعد الاستقلال بوصول القوى العلمانية للسلطة وانشغالها بالصراع مع القوى الأخرى الداخلية لاسيما الاسلامية ..وبعد انهاكها في الصراع وانتهائه لصالح السلطة تنتهي مرحلة الاستقلال لتبدأ عملية ايصال الاسلاميين الى السلطة ليخوضوا النزاع بالاتجاه المعاكس مع القوى العلمانية وهم على عرش السلطة .. أي تدوير الصراع الداخلي لأن الاسلاميين سيصلون الى الحكم بثورة ولن يتركوه الا بثورة مهما تشدقوا بصناديق الانتخاب فالفتاوى قادرة على اغلاق أكبر صندوق انتخاب في العالم .. وهذه الجدلية ستجعلهم يعيشون نفس جدلية القوى العلمانية جميعا التي وصلت بثورة وتوجست من أعداء الثورة ولاتريد الرحيل الا بثورة ..
ومن هنا ياتي الرفض القاطع لمشروع الاصلاح الذي اطلقته الدولة السورية للخروج من هذا الصراع ومن هذه المعادلة القاتلة لأن المشروع الاصلاحي يحمل معه كسر هذه المعادلة التي تقول ان الثورة لاتنتهي الا بثورة مضادة ..والانقلابيون لاينتهون الا بانقلاب .. معادلة يعمل السوريون بجد مع الرئيس بشار الأسد على نزع مساميرها والغامها بعملية اصلاح "ثورية" في المجتمع السوري .. ولكن لايراد لها أن تنجح..وتعمل قوى غربية كثيرة على احلال ثورة اسلامية محل ثورة البعث..بالثورة العنيفة...لتدور عجلة التغيير الثوري وتدوير الصراع ..واعادة توجيه البنادق والطاقة نحو الخصم الداخلي العلماني الذي سيعد لثورته مهما طال الزمن..ويعيش من في السلطة هواجس الانقلاب والرحيل بالثورة فيسود الاستبداد من جديد..
ومايثير الاستغراب هو أن التيارات الاسلامية هي اشد الحركات السياسية في العالم اختراقا .. ولم يتم اطلاق سراحها ومنحها تذكرة مرور الى السلطة الا بعد تحميلها بكل امكانيات المراقبة والرصد والتحكم ..ولدى أجهزة المخابرات الغربية امكانية التلاعب بها بأجهزة تحكم رئيسية ولديها القدرة الكاملة على التشويش عليها ولديها أزرار جاهزة للعمل (جمهور من المفتين مثل القرضاوي والعرعور وطارق رمضان وجيل كامل تم تجنيده وترويضه ينتظر الاشارة)..
أما كيف أن هذه الحركات الاسلامية مخترقة جدا ومتحكم بها فمثالها مالقيه أحد زعمائها الروحيين من مصير وهو الشيخ عبد الله عزام وهو فلسطيني كان يقيم في الأردن لكنه تفرغ لتحرير أفغانستان وقدمت له كل التسهيلات لدعم الجهاد ضد الروس الى أن تم التحرير.. فظهر الشقاق بينه وبين الشيخ أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.. ففيما ارتأى الظواهري الانتقال لحرب أمريكا والأنظمة العربية رأى عزام أن الأولوية الآن لفلسطين وعندما بدأ بتدريب مجموعات المقاتلين للانضمام لحركة تحرير فلسطين (كما قيل) احتدم الخلاف حتى أن الظواهري قد رفض الصلاة خلفه بل وتم سب عزام على المنبرمن أنصار الظواهري ... وماهي الا فترة قصيرة حتى تمت تصفية عبد الله عزام مع ولديه ..بعبوة ناسفة لم يعرف حتى الآن مدبرها..
أي الشيخ عبد الله عزام اعتقد أنه ضحك على الامريكيين فتعاون مع مشروعهم ضد الروس لسنوات ولما بدأ مشروعه ..أرسلوه الى الرقيب الأعلى وانتهت مهمته بعبوة ناسفة.. وأعطي بعدها الظواهري وبن لادن المجال لاطلاق مشروعهما ..تحت الرقابة الصارمة ..والأيام تدل على ذلك..
أحد الاسلاميين الذين اعتقلوا في الأردن وكتب مذكراته عند تعاونه مع مجموعة أبو مصعب الزرقاوي في الأردن قبل انطلاقها الى العراق قال بأنه أدرك وصار على يقين من أن المجموعات الاسلامية مخترقة بشدة عندما دعي لاجتماع مع المجاهدين فحضر فوجد أكثر من عشرين شخصا لايعرف عنهم شيئا وبعد ذلك تم ادخال أكياس مليئة بالذخيرة والقنابل أمام هذا الحشد الذي لايعرف بعضه ..وعلم يومها علم اليقين أن التنظيم مراقب الى أبعد الحدود ومضبوط بقوة ما تسيطر عليه ..
الاثمان التي قبل الاسلاميون بدفعها محدودة كما يعتقدون لكنها كل شيء ..لاذكر لفلسطين في الادبيات ..ولالاسرائيل ..وهناك احياء لفلسفة السلام مع العدو لتحل محلها فلسفة تطهير الجسم الاسلامي..وانتقال الاسلام الى المرحلة التبشيرية بعد انتهاء المرحلة الجهادية ..اثمان قد لانعرفها الآن ولكن المستقبل القريب سيكشفها ..
وتحضرني هنا كلمات أحد قادة الثوار الاريتريين الذين التقيتهم يوما وقال لي: لقد قاتلنا سنوات طويلة لتحرير اريترية دون احراز تقدم كبير ..وفي احد الأيام وصل الينا وفد غربي وطلب لقاءنا وفوجئنا به يعرض علينا الاستقلال مقابل ثمن بسيط بدل هذا الكر والفر ..وكان الطلب ببساطة هو أن تكون السلطة بيد الأقلية الدينية اللااسلامية في اريترية التي لاتتجاوز نسبتها 15 % ..وعندما قبلنا حصلنا على الاستقلال خلال 3 أشهر..وظهر أسياس أفورقي رئيسا لاريترية ..
اذا كان الاستقلال يمنح بثمن هو التنازل عن السلطة .. فحري بالسلطة أن يكون لها ثمن من الاستقلال أيها الاسلاميون الثورجيون ..أي ماقاله الغرب للثورجيين الاسلاميين هو بالضبط:
خذوا السلطة وأعطونا استقلالكم ..وانظروا الى ليبيا مثالاً..