الجمعة السورية.. الهزيلة

لايريدون أن يصدقوا ...لايريدون أن يصدقوا أن مشروع التغيير المرسوم في سوريا تتقطع أنفاسه ونسمع منه حشرجة الموت ..فها هي عدة أسابيع ونفس المتظاهرين الذين تتناقص أعدادهم بسرعة يتجمعون في نفس الزوايا والشوارع لالتقاط صور سريعة للجزيرة ويوتيوب قبل ان يتفرقوا كاللصوص...بضعة اسابيع وفي كل مرة يعصر المنظمون أفكارهم ويستنجدون بالقواميس وعلم النفس لتسمية المولود القادم يوم الجمعة على طريقة العرب القدماء حين يسمون ابناءهم باسماء قوية مثل ليث وفحل وجحش ..فجمعة اسمها غضب وجمعة اسمها عظيمة وجمعة اسمها تحدي وجمعة اسمها لهب ... الخ وصارت القواميس تنضب تدريجيا بالمفردات المنعشة للأمل ، وكل هذه المواليد تنزل من ارحام الأيام خديجة مهيضة ضعيفة لاتستطيع أن تحشد في كل سوريا سوى مايقل عن خمسة آلاف وهؤلاء في بلد فيه 23 مليون يمكن ان يتجمعوا من أجل خناقة بين حارتين من حارات دمشق..

 كل جمعة ينتظرها خالها ابوعطوان وأمها الجزيرة وطباخها حمد والمربية العربية والأعمام والأخوال مثل برهان ومناع وعبد النور وعبود فاذا بالمولودة هزيلة ضعيفة لاترفع الرأس ولاتجمع فيها مايكفي للرقص في عرس طهور ولد من اولاد اهل الشام  ..كل اسبوع ننتظر الجمعة الموعودة لتقنعنا أن السوريين قد حزموا أمرهم  وخرجوا بالملايين كما خرج اليمنيون والمصريون فاذا بنا نرى شارعا ضيقا احتشد فيه مالايزيد عن 200-300 شخص تحشرهم كاميرا هاتف جوال في الزاوية كي يتورم العدد مثل عمليات نفخ الشفاه الرقيقة واللوايا الهزيلة، لكن الجزيرة كالأم الرؤوم ترى اطفالها يملؤون الدنيا وصوتهم يصل الى المريخ، ويستيقظ الخال ابوعطوان من نومه ليكتب مقالا ينقل لنا ماكان يحلم به من أنه رأى عشرات الآلاف يتحدون السلطة في سوريا..ويصنعون المجد للدنيا بأسرها.
المنطق يقول ان اي ثورة تولد صغيرة ثم تكبر ولاتتوقف الا الثورة السورية ولدت صغيرة في نفس المواقع التي خرجت منها ولم تكبر بل بالعكس تتضاءل ونسمع لهاثها..والأهل اليائسون لايقطعون الأمل، ولاحياء المحتضر الذي تتحشرج انفاسه يأتي المولدون بأدوات الانعاش والاسعاف من فتاوى دينية دامية حمراء يهذي بها  القرضاوي (الخبير في التكاثر وركوب الصغيرات العذراوات) من مثل فتوى سماها فضيلته "ومالو؟" هل سمعتم فتوى "ومالو؟؟!! التي عجزت وردة الجزائرية على منافستها في أغنيتها طب وانا مالي؟!
ويستدعي الأهل القانطون من حياة هذه الثورة كل المصطلحات الطائفية القميئة وينبشون من القبور كل شتائم الصحابة وآل البيت وكل تاريخ الصراعات الدينية الاسلامية والمسيحية وحروب الردة والجمل ويطلقونها في رئتي الثورة علها تنتفخ وتعيش...والثورة لاتستجيب ولاتزال غير قادرة حتى على الرضاعة ..
وهنا يستدعي اهل المولودة المليصة دواء سحريا هو نقل الدم للمولودة وهذا الدم المنقول هو من دم الشوارع السورية وابناء السوريين وجيشهم ...الدم المسفوح في حمص ودرعا هو آخر مايستطيع اهل المولودة المليصة فعله هو نقل الدم الاسعافي من أجساد السوريين عل الدم يحرض الناس فتكبر المظاهرات وتحبو الرضيعة .. ويزيد المولدون من التهام جثث السوريين عبر سلاح المسلحين وهو الطريق الوحيد الباقي كصدمة القلب الكهربائية للمولودة المليصة عل الصدمة الكهربائية تطلق ضربات القلب الذي يترنح وينهار ...ومع هذا تنقطع أنفاس المولودة وسيخرج الفريق الطبي (الدكتور بندر والممرضة الحريري) الذي يشرف على الولادة الصعبة وقد تصبب العرق على الجباه واحمرت الوجوه لابلاغ أهل الطفلة أنها ولدت مشوهة ولم يتمكن الفريق من انقاذها وسيقول الحريري بلهجة مصرية كما في الافلام المصرية (احنا عملنا اللي علينا والباقي على الله) لكن بندر يبح صوته ويجهش في البكاء لأنه في الحقيقة أبو الطفلة غير الشرعية من علاقة غير شرعية مع الأم وهي المعارضة السورية مقابل حفنة من الدولارات..وليلة حمراء
مايسمى بالثورة السورية ليس بثورة لانها مشوهة بالطوائف وشعارات التحريض الطائفي ...الثورة لاتكذب.. وكل مانسمعه كذب في كذب والثورة لاتنادي بتحريض طائفة على أخرى ومانراه قطعان الطوائف في كل مكان ..والثورة لاتستورد ولاتصنع في غير أرضها، وثورتنا يعجنها لنا حمد ابو لهب وامرأته حمالة الحطب،.. والثورة لاتطلب مبيّضين وخبراء تجميل، وثورتنا يلزمها خبير تجميل مثل عطوان وبشارة.. والثورة لاتنتظر ايام الجمعة لتخرج من الأرحام بل لاتهدأ وتستمر ولاتنتظر يوم الجمعة والسبت والثلاثاء..والثورة الشعبية الحقيقية لاتتشرف برعاية وحضانة ساركوزي والناتو مهما كان حجم العنف بحقها ..والثورة لاتحتاج شهود عيان على الجزر العربية  ونواح النائحين ومستغيثي الغلابة بل تحتاج ابطالا لايتباكون يستجدون عطفا من مجلس الأمن وحقوق الانسان ...ثوار ثورة فرنسا والثوار البلاشفة وثوار الاستقلال الأمريكي لم ينهجوا هذا النهج بل لم نسمع عنه في ثورة محترمة في العالم ...وكل ثورة تستعطف وسائل اعلام الغرب وعملاء الغرب ليست طاهرة وهي تباع وتشرى كما الأماء ويقال لها: نحن ندفع اذا نحن المالكون ...
وثوار سوريا أيام زمان لم ينتظروا عصبة الأمم على أيامهم ولا مؤتمر باريس بل كان أهل الميدان يلجؤون أهل السويداء وتجار دمشق يدفعون المال لأهل الشاغور والغوطة ووجهاء جبل الزاوية يرسلون المدد لصالح العلي...لم نسمع بكاءهم وعويلهم ولم يمارسوا دراما التمثيل وشهود العيان ولم يكذبوا بأن الفرنسيين يستعملون المسيحيين لدينهم كما يكذب ثوار اليوم عن وجود حرس ثوري وشيعة ...هذه ثورة عاهرة ونحن سعداء أن نشهد موتها لا بل أن نصنع موتها..أما ثورتنا الحقيقية فقادمة رغم أنف عطوان وبشارة والجزيرة وبندر والحريري والمستقبل والأيام  سجال
 ملاحظة أخيرة: أنا بانتظار ردود أهل المتوفاة وقرابتها (من مكاتب المخابرات العربية ومكاتب الدعاية الاسرائيلية-الأمريكية) وبعض المخلصين المغرر بهم على أحر من الجمر لأنه بعد انتظار أيام الجمعة الهزيلة الدموية نحتاج فاصلا دراميا وبعض الكوميديا السوداء ولامانع من بعض الشتائم والتلفيقات والاتهامات بالعمالة..رجاء ..انها أخلاق ثوارنا القادمين من القرن التاسع الهجري على جمال علي وعائشة ومناكفات الحسين ويزيد...تبا لكم