الحسناء السورية والوحش .. الأساطير تهاجم الأساطير بالسواطير التلمودية

عندما أمرّ على صحف العرب وكتّاب العرب أعرف ماذا يعني أن الأمم الفقيرة بالنخب لاتستطيع خوض المواجهات الفكرية الطاحنة مع الأمم الأخرى ..المواجهات الفكرية تحتاج الى عقول لاتمسك بها العواطف ..وعقول لاتمارس العناد الفكري ..وعقول لاترى امتطاء الحقائق لجياد العقل الجامحة اهانة لها لاتقبلها عزة نفسها فتصرّ على نبذ الحقائق .. ويصل الأمر ببعض الكتّاب أنهم ماعادوا يكتبون عن الواقع بل صاروا يكتبون بطريقة رواية الاساطير ومبالغاتها وقسوتها ومفاجآتها ... انفصل المثقفون العرب عن الواقع تماما وأصابهم الربيع العربي بلوثة "التأسطر" .. وصارت قراءة بعض كتابات مثقفي العرب مغامرة لأنها عملية مواجهة بين العقل والأسطورة ..والمشكلة الكبرى أن عددا من القراء العرب أيضا يميلون لتصديق الأسطورة ..لأن العاطفة لا العقل من يعمل ..ولأن العناد يحل محل العاطفة عندما تتنحى للعقل .. فالأسطورة تنتشر لأن الاسطورة يقرأها عشاق الأسطورة والحكايات ..

على طاولة القمار .. قدود حلبية وخازوق من جبل الشيخ الى مشهد

هذه الأيام الحمراء أيام لاتحب الخطابة ولاتحب الشعر .. ولاتهتم بالرثائيات والبكائيات والنواح .. وهذه الأيام أيام لاتعنيها لغة الوعيد ولاالتهديد ..ولاتعبأ بلغة القدح والذم والتخوين والتجريم والقاء اللوم على القتلة والمؤامرة.. ولاأكذب ان قلت انني لاأستطيع سماع الشعارات ورفع السبّابات والتلويح بالويل والثبور وعظائم الأمور .. الأزمة السورية أطلقت بسرعة مجتمعا ناضجا وواقعيا لايبحث عن الأساطير والشعراء والبلغاء والفصحاء والأصوات العالية .. بل تعنيه المواجهة مع الأسئلة الصعبة والخيارات والتحقيق الشاق مع الشروح والتفاسير .. وهو مستعد لسماع الأخبار القاسية على حقيقتها بدل الأخبار المخدرة والمهدئة المورفينية .. ومستعد للقاء أخبار الخسائر كما أخبار الانتصارات .. الشعب السوري علمته الأزمة أنه هو الحقيقة الباقية التي يؤمن الغرب أنها يجب أن تموت .. ولكن من يمتلك قلبه الحقيقة لا يموت.. ومن تمتلك قلبه الحقيقة لاتفرط به..

فارس بلا رأس .. المجهول والمعلوم في حريق الفلوجة وحمص

يلومني الكثيرون على تجاهلي لما يسمونه "ثورة الربيع العربي" واصراري على اشاحة نظري عنها بازدراء .. ويسوق لي البعض المقالات والمقابلات وصورا من اليوتيوب .. لكنني لم أستطع ابتلاع هذه الثورات ولاهضمها ولااستساغتها .. وموقفي ليس عنادا ولاتشبثا بنظام ولابعهد بل هو انحياز نحو عقلي وقلبي أولا وانحياز نحو كل ماتعلمته وقرأته .. وأنا قرأت كل ماقرأت في حياتي كي أتمكن من استعمال عقلي في حدث مفصلي كهذا .. وكي لا أسلّم بالأشياء فقط لأن الجمهور يريد ذلك ولأن بوصلة الشارع لاتخطئ حسب مايزعمون .. انني لاأحب السير مع القطيع الذي تقوده الذئاب ..بل وتسير بينه الذئاب .. ولاأحب الثورات التي لاتعرف نكهة الفلسفة ولا نعمة الفكر..فهذا برأيي ذروة الكفر.. 

لاتلام الديكتاتوريات اذا لم تكن لها فلسفة ولا فلاسفة يعتد بهم وبفكرهم .. فالثيران لاضروع لها لتنتج الحليب ..ولا أتوقع أن تنتج الديكتاتوريات فلسفة ذات أثر .. لكن لايغفر للثورات فقرها بالفلسفة وغياب الفلاسفة والمفكرين عنها وهم الذين يضيؤون ويتوهجون بالأفكار .. والثورات العظيمة يوقدها عظماء وتضيئها عقول كالشهب وتتكئ على قامات كبيرة ترسم بالنور زمنا قادما بالقرون .. وغياب هؤلاء يسبب تحول أي ثورة الى مجرد تمرد أهوج وانفعال بلا نتيجة سوى الدمار الذاتي..

لمعان السيوف وقبلة على القلوب من بريق الفيتو

ماحدث في مجلس الأمن لم يشكل مفاجأة لنا وقد توقعناه كما تعرفون جميعا .. فهناك ثغور لمعت بالابتسام والفرح وهناك بالطبع وجوه اكفهرت واسودّت .. ومايحز في النفس أن هناك مناصرين للثورجية لايزالون يساقون من فخ الى آخر ولايزالون يستعملون كالذخيرة في بنادق الديبلوماسية الغربية .. لاأدري ماذا جنى هؤلاء الثورجيون من رقصة الليل في الأمس أمام وسائل الاعلام والصراخ والبكاء والتمثيل .. فمن الواضح أنها كانت تمثيلية رخيصة لأن الجيش السوري لن يقصف مدينة قبل جلسة مجلس الامن .. ولو كان الجيش هو من يقصف فانه لن يتوقف حتى تنتهي المهمة .. وعملية اقتحام الخالدية لن تستغرق أكثر من ساعتين مع جيش محترف ..ولكن الخالدية بقيت كما نعلم دون ان يدخلها الجيش وبقي فيها المسلحون .. وبقيت فيها الجثث المختطفة التي صورها القتلة الثورجيون بعد قتلها بوحشية ..وبقيت النعوش الفارغة أيضا بعد تصويرها !!..   

صدقوني لاأحس باحساس الشامتين بمن هز بالأمس ولطم أمام الكاميرات ورقص رقصة الاستغاثة والتفجع واستجداء العطف وتسول الشفقة .. ولكنني بدأت أحس بالأسى على هؤلاء الناس والشباب الذين يعلنون التمرد والذين يحترقون في هذه المعركة الاعلامية والنفسية ويحرقون حاراتهم وبيوتهم وماضيهم ومستقبلهم ومستقبل التعايش مع اخوتهم وهم لم يتمكنوا حتى هذه اللحظة من التقاط النتيجة التي التقطتها كل الدنيا ..وهي أنهم يخوضون معركة خاسرة ويتبعون قيادة فاشلة ومتهورة ومتخبطة وغير مستقلة ..  
نحن في معسكر الوطن نجري دوما مراجعاتنا المتواصلة ونعرف أن معظم الخطوات التي اتخذناها كانت صائبة .. ولكن معسكر المعارضة وجمهوره لايبدو أنه مؤهل أو قادر على اجراء هذه المراجعات .. ربما لأن من يزوده بالمعطيات يمارس خداعه ورفع معنوياته دون مكاشفته بالحقائق والمعطيات ولايقدم له تقريرا عن سير "المعارك" الديبلوماسية ولا عن خطط الثورة ..التي تبين أنها فاشلة بشكل مثير للغثيان..والأسى ..  

رنا قباني آل ثاني.. صباحك سكر.. بشعاع الليزر

سمعت كما سمعتم أنه نقل عن الدكتورة رنا قباني ابنة أخ الشاعر نزار قباني أنها بعثت برسالة الى صحيفة القدس العربي (أورشليم) تحتج فيها على استخدام أشعار نزار قباني من قبل رجال النظام السوري
في الحقيقة لست أدري ان كان الخبر صحيحا أم ملفقا كما لفقت أخبار كثيرة في هذه الأحداث على يد الثورجيين .. خاصة ان الصحفي الطبال عبد الباري عطوان لاينشر الا آراء الصحافة العبرية وقد احتقر الجميع بتغطيته لجرائم الثورجيين والباسها للنظام السوري وكانت جريدته عشا من اعشاش المؤامرة لم تقل نذالتها عن نذالة الجزيرة .. ولم يتبين لي فيما اذا اكدت الدكتورة قباني الخبر او نفته ..ولكن بحثت عن النفي فلم أجده مما يعني انها توافق على مضمون الاحتجاج ..

لم أسمع في حياتي أن القصائد صارت لها انتماءات سياسية وأن القصائد صار لها ضباط مخابرات يصدرون لها جوازات سفر ويكتبون على صفحاتها (البلدان المسموح بالسفر اليها) والافواه المسموح بالرسو على شفاهها ..لم أسمع في حياتي أن قصيدة واحدة أدخلت السجن بعد أن أطلق سراحها من جوارح الشعراء وجراحهم أو حظر عليها أن تقبل بمحبة هذا أو بمحبة ذاك .. رنا قباني حولت نفسها الى وصية على ابداعات نزار والى ناطور من النواطير التي كرهها نزار وكرهته وحاربها وحاربته وصارت رنا سيافا عربيا يقف ويده على حبل المقصلة يهدد من يقول شعر نزار من غير اذنها .. وتحولت الدكتورة العزيزة الى شرطي مرور يسمح بالمرور أو لايسمح .. بل وتريد المشاركة في فرض الحصار على الشعب السوري مع الجامعة العربية كل حسب مايستطيع .. ورنا تريد محاصرتنا شعريا بمنعنا عن شعر حبيبنا نزار .. الا بترخيص منها..أي انضمت الأميرة رنا الى مجلس التعاون الخليجي الذي الى جانب أميراته ومشيخاته صارت لديه شيخة اسمها رنا قباني .. تصدر براميل الشعر وتخضعها لسلة أوبك ..وانضوت الشيخة تحت لواء حريم الثورة اللواتي يجللهن القرضاوي ببركاته ودعائه ..وهنيئا لمن صارت من حريمه ..

من ألف ليلة وليلة.. الشعب يريد مونيكا لوينسكي

لو كانت شهرزاد وشهريار في هذا الزمن لسهرا معا بالامس على جلسة مجلس الأمن بدلا من حكايا العفاريت والجان .. ولأشار شهريار على شهرزاد بأن تلزم الصمت كلما أرادت أن تنبس ببنت شفة .. فمجلس الأمن بالأمس كان ليلة من ليالي الحكايات الخرافية ومشهدا من مشاهد الصراع بين الجن والانس وبين الأشرار والأخيار ..وماسمعناه من أهوال تشيب لها الولدان تجعل حكايا شهرزاد تنتمي الى حكايا الواقع .. فلا خيال يعلو فوق خيال رجال مجلس الأمن ..الا خيال الثوار السوريين ..وخيال كتاب جريدة التايم البريطانية ..عندما تكتب عن زوجة الطاغية!!
بالأمس فغرت شهرزاد فاها وهي تستمع الى حجم من الأساطير والأكاذيب في كلمات السيدة هيلاري كلينتون وآلان جوبيه والسيد ويليام هيغ .. وبالطبع قاطع شهريار الاستماع ومال على أذن شهرزاد وسألها: ولكن قولي ياشهرزاد ..من هذا القرصان الذليل الذي يجلس وبجانبه رجل مطيع لايعصي له أمرا ؟؟!! .. فتقول شهرزاد: أيها الملك الرشيد ذو الرأي السديد انه حمد بن جاسم سائس اسطبل العرب ومعه صبيّه العربي .. فيصرخ فيها شهريار: اذا في الصباح أرسلي سيافي فيروزا الى مجلس الأمن ليأتيني برأسي هذين الصعلوكين..

حتى أنت يا بوتين؟!! هل يفعلها أردوغان في الكوميديا الالهية؟

ماحدث في الأشهر الأخيرة من تغير في المشهد الاقليمي وتقلبات الدول والعلاقات في مأساته وغرائبيته أشبه "بالكوميديا الالهية" للشاعر الايطالي "دانتي أليغييري" الذي وصف في ملحمته الخالدة التصورات المسيحية للآخرة وقسّم ملحمته الى ثلاثة أقسام هي: 1-  الجحيم  2- والمطهر 3- والجنة ..
 
والكوميديا الدولية في الربيع العربي أطلقت "مرحلة الجحيم" في تحول أمير بدوي جاهل من أتفه ماأنجبته جزيرة العرب الى منظّر للحريات ينضوي تحت جناحه مثقفون عرب .. والكوميديا تجلت في اندفاع السعوديين المعروفين بحكمهم القروسطي الظلامي خلف شعارات الحرية والعدالة والثورة والبكاء على الشعب السوري ..والكوميديا أيضا تجلت بظهور شخصيات من قاع تخلف المجتمع العربي لتتلاعب بمصير الشعب السوري مثل العرعور والقرضاوي .. بل تجلى الجحيم كله في انقياد مثقفين عرب وسوريين لقيادات دينية وخارجية متناقضة معها تماما مثل برهان غليون وكل رهط استانبول .. والكوميديا الدولية تأبى الا أن تتوج هذا الجحيم الفكري بتصريحات الناتو عن الحرية وحقوق الانسان فيما هو يبول عليها وعلى أبنائها ..

صرخة أرخميدس وضحكة ممدوح عدوان.. ورسالة الى الجزيرة

هناك نوع من الحوار يجعلك لاتعرف مشاعرك فهو يثير ضحكك وفي نفس الوقت يثير سخطك وغضبك ..وتحتار .. أتلبي رغبتك في الضحك أم رغبتك في الغضب؟ .. لكن هناك ماهو أكثر بلوى .. وهو الحوار الذي تمر فيه كل المشاعر البشرية عليك دفعة واحدة كخليط عجيب يجعلك شخصية لاصفة لها الا "المختل عقليا" .. هذا الحوار الذي لاتستطيع فيه قاومة نوبة من الضحك الهستيري .. لكنك تنتبه وأنت منتش مسرور الى حقائق مذهلة معترضة في عبارات الحوار تسبب لك الذهول المفاجئ فيتوقف ضحكك كما لو كنت تضغط الفرامل في سيارة مسرعة ..ثم تتوقف فجأة أمام كلمة أو كلمتين تضيفان مشاعر الغضب والسخط الى مشاعرك في نفس لحظة الفرملة المفاجئة .. وعند تدقيقك في الانسجام المنطقي للعبارات المنطلقة من فم المحاور تحس برغبة بالبكاء ولاتقدر على تجاهل مشاعر الأسى والخيبة التي تحيط بقلبك كالغمام والضباب والدخان ..وتستنتج أن هذا الحوار يجبرك على العيش في ظروف نفسية متضاربة يعجز معها علم التحليل النفسي عن التواصل معك لانقطاعك عن العالم الواقعي .. هذا هو ماتعيشه اثناء الحوار مع المعارضين العرب .. وبالذات مع المعارضين السوريين الأشاوس ..

تلاطم المحاور الضخمة ...نبوءة دانتون "الأخضر"

لم يكن لنا طيلة فترة الأزمة السورية من هدف سوى اعادة المنطق الى العمل بعد أن منحته دول النفط اجازة بلا راتب من حياتنا وحولته الى متسول أجرب في قطر .. ولم يكن لنا من هم في هذه الأزمة السورية سوى أن نعيد للصدق والصراحة مكانتهما كأسلوب رفيع في الحديث مع الناس بعد أن تم اعتقالهما وتعذيبهما في أقبية استوديوهات الجزيرة على يد جلادي شهود الزور .. وصار من أهم واجبات المثقف العربي "الحر" أن يحاول أن يعيد للحرية والأخلاق اعتبارهما بعد أن اختطفهما الثورجيون وتعاملوا معهما على طريقة ثورجية ليبيا البرابرة والهمج مع "أسراهم" الجرحى .. ان الثقافة العربية والشرقية ترتعش رعبا في هذا الصقيع الأخلاقي حيث يجردها البرابرة الثورجيون من ثيابها الدافئة وكل مايستر جسدها الأسمر من قماش الصدق والكبرياء والعفاف قطعة قطعة .. ليتمتع بها برنار هنري ليفي في لياليه الصهيونية ..

الرفاق حائرون.. يتساءلون.. نارام من يكون؟؟

أيها الأصدقاء
لفت نظري ماطرح من توجس بشأن هويتي ..والسؤال عني لم ينهض اليوم بالطبع بل منذ الكتابات الأولى .. وكنت ألاحق بنفس الفضول والسؤال .. حتى أن أحد الأصدقاء بعث لي مقالا بعنوان: من هو نارام سرجون؟ كان مقالا جميلا لكنني اعتذرت عن نشره يومها.. 

أنا كما تعرفون لاأبيع بضاعتي الأدبية .. ولم أطرق باب أحد لأعرض تجارة أومشروعا للربح ولابرنامجا سياسيا .. ولم أقف على عتبة أحد منكم لأروّج لماترسمه ريشتي .. قلت دائما هذا بستان وهو مفتوح لمن أراد .. ولذلك فان من يتوجس من كتاباتي فهو حر أن يقرأها أو لايقرأها ..انه مبدأ الحرية في الايمان الذي تعلمته منذ الصغر (فمن شاء فليؤمن ..ومن شاء فليكفر) .. انها داليتي، والكرمة كرمتي، لكن وطني هو الكرّام ..  
انه بستاني أنا وورودي أنا .. وأنا مجرد بستاني .. والورد بعطره فقط ..ولاأحد يسأل الورد عن سبب اطلاقه العبير والشذا .. والعبق لايفوح من الورود الصناعية مهما بللناها بالعطور .. وكما أن النحلة لاتطوف حول ورد صناعي ولاتتوقف عنده ..فانها لاتغط الا حيث طعم الرحيق في الوردة .. فان تضوعت ورودي بالعطر الوطني وتذوق النحل الحلاوة "السورية" وانتعش وانتشى فهذا لأنه وقف على وردة حقيقية ..  

الرسائل الأموية: ان هذا.. يريد هذا.. وإلا.. فهذا !!

أكثر مايحير الدارسين في التاريخ هي تلك الانعطافات اللامفهومة في أحداثه رغم عدم توفر مقدمات حدوثها ..البعض يرى أن سبب ذلك يعود الى أن من يغير التاريخ هم اما الشجعان الجسورون أوالحمقى المتهورون .. فكلاهما لايتنبأ التاريخ بما يفعلون ..ومايحدث الآن هو صراع بين الجسارة والحماقة .. حماقة يمثلها شيخ اسمه حمد وحالم اسمه أردوغان وصبيان لبنانيون وشيوخ نفط .. وجسارة يمثلها ملايين من الشبان السوريين الوطنيين قرروا ألا يسمحوا للحمقى أن يمسكوا بلجام التاريخ الى مالانهاية ..

مالم يقله الرئيس الأسد.. قصص عواء الذئب وسبعين بعيراً

 لم أتعلم يوما الحروف لأكون "مفكرا عربيا" ثرثارا تستشيرني الفضائيات لأريق الدم فاقبض مالا.. ولا لأحل ضيفا هائجا على برنامج فيصل القاسم "دام ظله" .. ولم أذهب الى المدرسة أتعلم الأبجدية وأكتب بالطبشور على السبورة لأمارس يوما تركيب المدائح والنفاق للرؤساء أو الملوك .. بل أمضيت كل هذا العمر - منذ أول مرة ارتديت فيها "مريول" المدرسة الابتدائية وحملت أقلام الرصاص الى هذا اليوم الذي أكتب فيه على الكومبيوتر - أمضيته في تعلم الأبجدية وصياغة الحرف لأتمكن من أن أصنع من الحروف مفاتيح لمغاليق الحقيقة ..الحقيقة هي ماأريد أن تصبح صديقتي وحبيبتي وليست ..موزة ... أو بسمة قضماني ..والعياذ بالله ..
ومع هذا فأنا لاأزال مؤمنا أن اللغة والأبجدية اخترعها الشعب السوري "العظيم" ليتعلم الانسان كيف يكتب الحقيقة قبل أن تبتلعها الأكاذيب ..بل كانت الأبجدية السورية القديمة مقدمة ضرورية ليطلب الله منا فيما بعد في غار حراء أن "نقرأ" لنتعلم "مالم نعلم"... فماذا كنا سنقرأ وماذا كان العالم سيقرأ ان لم يكتب له السوريون الحروف؟؟!!..

من نسف شوارع دمشق؟ ليلى أم الذئب أم فلاسفة الظلام المضيء؟

كتب أحد المستوطنين الصهاينة أنه عندما كان صغيراً وقف مع ابيه على سطح بيتهم الذي بني حديثا في مستوطنة جديدة في فلسطين قبل النكبة.. وعندما تلفّت الطفل حوله أصيب بالقشعريرة والخوف وهو يرى كيف أن مستوطنتهم الصغيرة محاطة بعدد لايحصى من القرى العربية التي كادت تشبه السوار المحيط بالمعصم فقال الطفل لابيه في جزع: ياالهي كم العرب كثيرون..!! فابتسم أبوه وقال وهو يمسك بيده: نعم كثيرون.. لكنهم غارقون في الظلام.. لاتخش ياولدي ممن يعيشون في الظلام..
ولكن هل تغير شيء منذ تلك الوقفة البعيدة في زمنها على سطح مستوطنة؟ ألا يزال الشرق يعيش في الظلام؟ أليست هذه الثورات هي محاولة لاطلاق الظلام من جديد؟ الظلام السلفي.. وظلام الجهل الوطني.. أليس في روايات تفجيرات دمشق من قبل الثورجية ظلام أكبر..!!

موت الأسئلة وعصر الفلسفة الثورية تعلنه سيدة من دمشق

 في اليوم الأخير من عام 2011 اكتشفت ان الفلسفة قد أنهت مهمتها من الوجود الانساني وأن كل الأسئلة الفلسفية الكبرى قد تمت الاجابة عنها.. وأحسست أن ايمانويل كانت وتوما الاكويني وباروخ سبينوزا وفريدريك نيتشه وجان بول سارتر والفارابي والكندي والمعري وابن رشد وابو حامد الغزالي وكونفوشيوس وأرسطاطاليس وكل رهط الفلاسفة في التاريخ البشري قد ضيعوا عمرهم هباء وأنهم أفنوا حياتهم في التساؤلات الفاسفية الكبرى التي اكتشفت في الأيام الأخيرة من عام 2011 أنها كانت الملهاة الكبرى.. فالسؤال لم يعد هو: هل الله موجود أم لا؟ ولم يعد السؤال هو: ماهي الغاية من الوجود؟ وكيف سينتهي الوجود؟ بل هناك السؤال الكبير الذي ابتلع كل هذه الاسئلة التي أحيلت على المعاش في الفلسفة البشرية.. سؤال تكرر بالأمس في كل ثانية..
بالأمس لم أجد برنامجا على التلفزيون في كل الفضاء الاعلامي العربي الا وهو يسأل نفس السؤال الوجودي القلق وهو: هل سيبقى الرئيس بشار الأسد في الحكم؟ يالقوة الله.. والفلسفة !!

نبوءات وأخبار.. من حقائب الأسرار

في آخر صفحة من عام 2011.. ماذا نقول؟
أنا لاأحب الانضمام الى مجالس العزاء وحفلات الوداع التي تقام بمناسبة رحيل الأعوام والسنوات.. وها أنا الآن أمام عام 2011 الذي صدر قرار من الزمن بانتهاء ولايته علينا واحالته الى التقاعد وتعيين العام 2012 بدلاً عنه ليدير شؤون الحياة ..فاذا عساي اقول؟
 صحيح ان عام 2011 عام مجنون امتلأت حقائب سفره التي حزمها بالضحايا والرصاص وقصص المؤامرات.. وصحيح انه كتب في دفتر مذكراته معترفا أنه لن ينسى أنه قتل كثيراً من السوريين والليبيين.. ولكن من الواجب تذكيره ألا ينسى أيضا أن يدون في مذكراته أن الزمن لايهزم شعباً يمسك بأوتاد قاسيون..

آلام عزمي بشارة في حديث شقاء الثورة

وأخيراً من بعد طول الغياب.. ظهر المفكر العربي عزمي بشارة.. وكنت بانتظاره على أحر من الجمر.. لسبب واحد هو ان عزمي هو طبيب الثورات العربية الذي يداوي جراحها.. وهو ضابط الارتباط الذي يوجهها في أزماتها.. وهو الطبيب النفسي الذي يجلس اليها ويكفكف دموعها ويربت على أكتافها.. ولولا ظهوره في "حديث الثورة" بتاريخ 24 -12-2011  لأصبت بالقلق ولانتابني شعور أن الثورة السورية قد أعطيت الدفعة الفيزيائية الأخيرة وانطلقت ولم تعد تحتاج الى طبيبها لأنها اكتسبت أسباب القوة والمنعة.. لكن عزمي قد ظهر وبدأ جلساته العلاجية المكثفة.. ومن حديثه الذي يستحق أن يسمى "حديث شقاء الثورة" عرفت كم الثورة السورية مأزومة.. وكم هي تتآكل وكم هي تعاني من الوهن والضعف الجسدي والنفسي.. والأزمات الأخلاقية المهينة..

أسئلة عنقودية عن نهاية الثورة السورية

من الخطر أن نتحدث في الشأن السوري عند عدم توفر الدقة.. ولكن من الأخطر ألا نتحدث في الشأن السوري عندما يكون العالم كله ينتظر ما ستتمخض عنه الأحداث السورية.. وخاصة عندما تكون غاية الخصوم من الحديث في الشأن السوري اطلاق أعنّة الأكاذيب و سراح الكراهية واليأس كما هو الحال في أحاديث الجزيرة التي لم يعد لائقا تذكير القراء بأنها مكان للرذيلة المهنية ولمصادرة العقل والزنا الأخلاقي.. فالجمهور - من مؤيدين ومعارضين - قد وصلوا الى هذه النتيجة .. ورغم اصرار المعارضين على انكار معرفتهم بهذه الحقيقة فان تعلقهم بها يدل على أنها تؤرقهم..

منذ بداية الأحداث مشينا معا أيها الأصدقاء عبر كل المراحل وأطللنا على المنعطفات الهامة وأمسكنا بأيدي بعضنا لنشجع بعضنا في هذه الرحلة الشاقة في البحث عن الحقيقة .. فنحن كنا في وجه عاصفة من عواصف التاريخ الكبرى وعواصف الخيانات الكبرى في التاريخ الانساني ..وأستطيع أن اقول باعتزاز أننا لم نضع أقدام توقعاتنا الا في المكان الصحيح الثابت واتكأنا على الصخور الكبيرة وعبرنا معا عبر شهور طويلة من خلال ممرات ودهاليز الأسرار التي أوصلتنا الى النتائج الصحيحة المصقولة كالماس ..وكان كل ما قلناه عن جعجعة أردوغان الفارغة وتحركات الناتو الاستعراضية وثرثرات الجامعة العربية، دقيقا ولم يجانبه الصواب..

اليوم لاشك أن السؤال الملح هو سؤال عنقودي ..أي سؤال في بطنه حاضنة قنابل عنقودية فيها اسئلة أخرى كثيرة على مبدأ القنابل العنقودية التي يحلو للاسرائيليين انهاء حروبهم بها لقتل مدنيينا غدرا وهم آمنون ...السؤال الكبير: هل انتصرنا؟ أم نحن ننتصر؟ أم هل سننتصر؟ ومتى ؟ وما الذي يحدث اذا؟

انهم يسرقون طيور البجع.. يا أبا الهول السوري

هناك قصة قديمة من قصص الشعوب تتحدث عن خلاف بين البلبل والغراب.. فعندما أراد البلبل أن يغني زجره الغراب وقال له: ان صوتك قبيح كريه مزعج وأن الجميع يريد سماع صوتي أنا.. ولكن البلبل اعترض وقال ان الجميع يشهد أن صوته جميل يستحق أن يسمع.. وبالفعل فقد أيدت الطيور والسناجب والغزلان والظباء ان صوت البلبل من أجمل الأصوات ولايجب أن يتوقف.. لكن الغراب أصر على تحويل القضية الى القاضي الجديد في محكمة الغابة وهيئة المحلفين فيها..
ذهب الجميع الى المحكمة التي كان القاضي فيها هو الخنزير البري أما هيئة المحلفين فكانت مكونة من التماسيح وأبناء آوى والضباع والكركدن والخراتيت والثعابين والضفادع..
في المحكمة غنى البلبل فبدا التململ على القاضي وهيئة المحلفين.. وغنى الغراب فأطرب القاضي ونخر وانتشت هيئة المحلفين ورقصت.. وكان قرار الخنزير البري ومحلفيه بأن أغنية الغراب هي الأجمل وأن صوته بديع وأن الغراب هو مطرب الغابة الأول وأن لحنه يجب أن يغنى.. أما البلبل فعليه أن يصمت لأن صوته حقير رديء نشاز ويجب أن تستأصل حنجرته.. وأن تفقأ عيناه.. وقد بكى البلبل من هذا الظلم لكنه اعترف بأن محكمة يتولاها خنزير بري ومحلفون من التماسيح لن تصدر الا هذه الأحكام..
هذه لم تعد قصة للأطفال بعد اليوم لأننا نرى كل يوم محكمة من هذه المحاكم سواء في الجامعة العربية أو في مجلس الأمن..

قراءة في دفتر الثورة السورية عن صاحب البغلة الشهباء

عندما تريد أن تعرف أحوال الخصم فلا تقرأ جرائدك.. بل جرائده.. وبالعكس اذا أردت أن تعرف أحوالك فلا تقرأ جرائدك بل ..جرائد الخصم..
هذه النصيحة لاتجوز الا اذا كانت لديك موهبة وملكة اهمال السطور وقراءة ماهو هو مدفون بينها، فالكلمات هي ألسنة قد لاتقول الحقيقة وعقلها الباطن تخفيه بين السطور.. وغياب هذه الملكة قد تفضي بك الى استنتاجات قاتلة وقراءات خاطئة.. ولأن تكون ضحية الاعلام الأسود من خصمك أو الدعاية المبالغة من اعلامك..

فعندما نقرأ مثلا موقع "كلنا شركاء" المعارض هذه الأيام وبالمقارنة مع ماكان يكتبه في الأسابيع الأولى للأحداث نجد أن صاحبه قد أفلس سياسيا وأن المحررين قد أصيبوا بالعصبية من طريقة سرد الخبر والكلمات الرخيصة .. ففي بداية الأحداث كان الموقع يتحدث لغة "ثورية" منضبطة ويطلق زخات عاطفية عن الفساد وحقوق الانسان وأحلام الحرية والضحايا ووصاياهم وينتقي كلماته بعناية .. لكنه اليوم صار موقعا للبذاءات والكلمات النابية بحق الرئيس ورجال الدولة واللهجة الشتائمية العصبية والدعاية الراقصة التي تشبه عناوبنها عناوين "محمد بديع سربيه" على أيامه في جريدته الفنية (الشبكة على ماأذكر !!) .. هذه اللغة تعكس انفلات أعصاب وهزيمة وتجعل مرتادي الموقع حكرا على سوية عمرية صغيرة وثقافية شبه أمية وثوار من المهربين والأميين..وصار الموقع يقع في الفخاخ البسيطة التي تنصب للعصافير .. فعندما كتب هذا الموقع عن أن وزير الدفاع السوري العماد علي حبيب قد استقال احتجاجا على عنف السلطة ولخلافات مع القيادة وان ابعاده والتخلص منه جاء باتفاق سوري روسي .. ضحكت كثيرا ومن أعماقي لأنني أعرف الرجل شخصيا والتقيته في مناسبات اجتماعية قبل أن يكون وزيرا للدفاع وأعرف كم كان مريضا وبحاجة للراحة وأعرف طبيبه الذي كان يشرف عليه وأعرف أن حكاية الخلاف والتمرد مع القيادة شيء لايعرفه عسكري منضبط مثله معروف بمدى احترامه وولائه للرئيس الأسد..أعترف أنه لم يكن اجتماعيا بارعا ولم يتحل بالحديث الجذاب المسترسل بل بحديث هادئ متقطع أكثر هدوءا من وليد المعلم يرصعه بمفردات "خشنة" أحيانا .. لكنه عندما يتحدث في شؤون الحرب فهو لايبارى..

توضيح بشأن مقالة حماس وسوريا وخالد مشعل

خلال الفترة الماضية تلقيت رسائل عديدة واستوقفني كثيرون مستفسرين عن موقف حماس الغامض من الأزمة السورية .. وفي الحقيقة لم تكن عندي اجابات واضحة لأن مالدي من أسئلة كان أكثر بكثير من أسئلة القلقين والذين لم يفهموا موقف حماس .. طاحون الاجابات أصغر بكثير من كمية الحنطة الهائلة من الأسئلة ...اتصلت بعديد من أصدقاء لهم اطلاعهم فلم يكن ردهم سلبيا على حماس بل متفهما.. واتصلت بفلسطينيين يعرفون حماس فلم يكن تفسيرهم الا أن حماس ستقول ماستقول لاحقا لأنه لايراد ان تبدو  كحركة مرتزقة مستأجرة يوجهها الشاري في الاتجاه الذي يريد ويحارب بها في الجبهة التي يريد .. وهذه فرصة لاثبات استقلالية حماس في قرارها الوطني بدل طعن مصداقيتها..
ولكن مع تطاول الأحداث لم يعد هذا التبرير مستساغا او ناجعا برأي كثيرين خاصة ان محور الشر يريد اظهار النزاع في سوريا نزاعا بين هلالين شيعي بقيادة ايران وسني بقيادة تركيا .. وصوت حماس الموجه ضد خطوات تركيا مثلا سيكسر نظرية صراع الأهلّة لصالح صراع محاور المقاومة والاعتدال ..
وبالأمس بعث اصدقاء خبرا نشرته عربتايمز بتاريخ ١٢-١٢-٢٠١١ عن تصريحات خالد مشعل وهجومه على القرضاوي ....كان الأمر محيرا لأن الخبرقيل انه قديم ولم يتم نفيه ولاتثبيته بشكل صريح في السابق .. وكان التفسير الوحيد أن حماس أعادت توزيع الخبر القديم لتستخدمه كمنصة لتطلق مواقف متلاحقة  ايجابية وليكون اختبارا لردود الفعل قبل تبني المواقف الجديدة التي ستفرج عنها والحبيسة منذ أشهر.. أو ان الجهة الناشرة لم تتحقق ..