رنا قباني آل ثاني.. صباحك سكر.. بشعاع الليزر

سمعت كما سمعتم أنه نقل عن الدكتورة رنا قباني ابنة أخ الشاعر نزار قباني أنها بعثت برسالة الى صحيفة القدس العربي (أورشليم) تحتج فيها على استخدام أشعار نزار قباني من قبل رجال النظام السوري
في الحقيقة لست أدري ان كان الخبر صحيحا أم ملفقا كما لفقت أخبار كثيرة في هذه الأحداث على يد الثورجيين .. خاصة ان الصحفي الطبال عبد الباري عطوان لاينشر الا آراء الصحافة العبرية وقد احتقر الجميع بتغطيته لجرائم الثورجيين والباسها للنظام السوري وكانت جريدته عشا من اعشاش المؤامرة لم تقل نذالتها عن نذالة الجزيرة .. ولم يتبين لي فيما اذا اكدت الدكتورة قباني الخبر او نفته ..ولكن بحثت عن النفي فلم أجده مما يعني انها توافق على مضمون الاحتجاج ..

لم أسمع في حياتي أن القصائد صارت لها انتماءات سياسية وأن القصائد صار لها ضباط مخابرات يصدرون لها جوازات سفر ويكتبون على صفحاتها (البلدان المسموح بالسفر اليها) والافواه المسموح بالرسو على شفاهها ..لم أسمع في حياتي أن قصيدة واحدة أدخلت السجن بعد أن أطلق سراحها من جوارح الشعراء وجراحهم أو حظر عليها أن تقبل بمحبة هذا أو بمحبة ذاك .. رنا قباني حولت نفسها الى وصية على ابداعات نزار والى ناطور من النواطير التي كرهها نزار وكرهته وحاربها وحاربته وصارت رنا سيافا عربيا يقف ويده على حبل المقصلة يهدد من يقول شعر نزار من غير اذنها .. وتحولت الدكتورة العزيزة الى شرطي مرور يسمح بالمرور أو لايسمح .. بل وتريد المشاركة في فرض الحصار على الشعب السوري مع الجامعة العربية كل حسب مايستطيع .. ورنا تريد محاصرتنا شعريا بمنعنا عن شعر حبيبنا نزار .. الا بترخيص منها..أي انضمت الأميرة رنا الى مجلس التعاون الخليجي الذي الى جانب أميراته ومشيخاته صارت لديه شيخة اسمها رنا قباني .. تصدر براميل الشعر وتخضعها لسلة أوبك ..وانضوت الشيخة تحت لواء حريم الثورة اللواتي يجللهن القرضاوي ببركاته ودعائه ..وهنيئا لمن صارت من حريمه ..

ان كان صحيحا مانقلته صحيفة أورشليم (القدس العربي بالعربية) عن الدكتورة قباني وبأنها صادرت أشعار نزار وصارت توزعها على هواها وحصرت ملكيتها بها شخصيا كما الهدايا النفطية .. فلا فرق بينها وبين ...موزة بن مسند ..الا أن موزة لم تصادر أشعار أحد .. لا شعر سحيم ولاشعر طرفة بن العبد البكري ..على الأقل موزة تبيع الغاز وتبيع العار لكنها لا تبيع الشعر ولا تقف كالشرطي أو كهند بنت عتبة تأكل الأكباد وتأكل كبد نزار قباني ...
القصيدة يا رنا هي أنثى جميلة لاتستطيع الا أن تحبها أعين الرجال ولاتستطيع قوة في الأرض أن تمنع قلوبهم من الخفقان لسماع صوتها ورؤية محياها خاصة اذا كانت لاهبة ملتهبة .. ومافعلته يا دكتورة رنا هو انك تريدين فرض النقاب والبرقع الطالباني على القصائد كيلا تفتن بهن قلوب الرجال .. ويبدو أن القصائد صارت تخضع لقوانين الخلوة الشرعية .. وأن الفتاوى لم تعد مقصورة على القرضاوي بل صار للشعر مفتوه وقرضاويوه .. ويبدو أن ثقافة العرعور هي التي هزمت ثقافة نزار قباني بدليل وصول وسائل العرعور الديمقراطية وحسه المرهف وفرّاماته ومقصات الألسن الى بيت الشاعر نزار قباني الذي ستقص الدكتورة رنا لسان من يجرؤ على استخدام شعره ..
ربما لاتعرف السيدة الدكتورة قباني مشهدا يوم أخذ جثمان "شاعر الدنيا وعاشق دمشق"للصلاة عليه كيف أن الاسلاميين في المسجد المركزي بلندن قد منعوا الجثمان من دخول الجامع للصلاة عليه لأنهم صنفوه على أنه كافر ولما قيل لهم: هلا شققتم على قلبه ؟؟ .. قالوا: "لو رأيناه حيا أمامنا لشققنا قلبه وشققنا كتبه الآثمة" .. وهذه رواية شاهد عيان حضر الصلاة وصلى على الجثمان خارج الجامع بعد أن عجز المصلون عن اقناع الاسلاميين بالسماح بالصلاة عليه داخل الجامع ..وشاهد عياني ليس كشاهد عيان الجزيرة بالتأكيد يارنا .. وما حصل أن طائرة رئاسية سورية بعث بها الرئيس حافظ الأسد نقلت الجثمان الى دمشق لاتمام مراسيم الصلاة والدفن في المدينة التي علمت نزار أبجدية الياسمين كما أوصى هو بنفسه ..واليوم رنا تدافع عن ثورة الاسلاميين الذين منعوا نزار من أن يسمع صوت الأذان قبل ان يوارى الثرى ..
السيدة رنا هي من يريد بيع اسم نزار قباني وتحتكر قصائده في ديكتاتورية رديئة هي ديكتاتورية الثقافة واستبداد النخب المليئة بالصلف الأجوف والثقافة المفخخة .. ولو كانت لها ذاكرة لتذكرت أن نزار نفسه عندما توفي ابن الرئيس السوري "باسل الأسد" بعث رسالة بنفسه الى الرئيس قال له فيها بالحرف: "ان باسل قد رحل لأن السماء بحاجة الى فارس"... ورأيت هذه العبارة بنفسي وقد رفعتها ساحة الأمويين باللون الأسود لشهور طويلة ولم يعترض نزار قباني على استخدام كلماته في تأبين ابن الرئيس (الذي تصفينه بالديكتاتوري) ..وكان هو الأجدر بالصمت وعدم مجاملة الرئيس حسب اعتقادك يارنا ..
من المعيب والمشين أن نكتشف أن من يتلطى خلف اسم عملاق كعائلة قباني أجوف فكريا وضحل الى حد مخيف ..فالسيدة رنا قباني قيل لي انها اعترضت يوما على أن الممثل السوري تيم حسن قد قام بدور نزار قباني في مسلسله الشهير عن حياة الشاعر الكبير .. ولم أصدق عيني عندما قرأت تبريرها وسبب اعتراضها .. ولن تصدقوا أنتم أيضا ..ويومها تمنيت أن تغلق أبواب السماء كيلا تصل الأخبار الى نزار في عليائه لأنه سيختار الانتحار في النار على البقاء خالدا في الجنة كيلا يسمع صوت هذا القيء .. فالسيدة دام ظلها قالت انها لاتقبل لأن يقوم شخص من الساحل بتمثيل دور شخصية من الشام .. وسألت رنا القراء سؤالا لوذعيا مفاده: هل يقبل ابن الساحل ان يمثل دوره ابن الميدان؟؟ وبحسب منطق السيدة الفاضلة فان عمر الشريف آثم وأنطوني كوين أخطأ في تمثله لعمر المختار وكل فناني الدنيا يجب ان يحترموا هذه القاعدة والاكتشاف القباني ..حتى العرعور لم يصل به الاجتهاد الى ذلك ..وقد أرعدت السماء يومها من ذلك الكلام ..وحسب الناس ذلك الصوت "علامة من علامات ليلة القدر" ..لكنه لم يكن رعد السماء يا رنا بل كان صوت نزار في السماء غاضبا ..قاصفا .. يرتجف غضبا من هذه الضحالة التي لم تقرأ كيف كتب نزار عن جرح الحسين وعباءته وعن جرح المسيح وصليبه ..
السيدة الفاضلة رنا قباني لم تجرحها مقالات الوديع شيمون بيريز(صاحب ملحمة قانا) في صحيفة الشرق الأوسط التي كان يزين بها مقالاته ويرصعها دائما بأقوال وأشعار نزار قباني ..بل ان بيريز نفسه كتب عام 2000 يحرض على صدام حسين (الذي وصفه بيريز بأنه رجل مسلح يقف على مفارق طرقات الشرق الأوسط يطلق النار في كل اتجاه من مسدساته) .. وختم مقالته بالقول: ولاأملك الا ان أذكر بكلمات جميلة للشاعر السوري الكبير نزار قباني .. سحقتنا ديكتاتورية الكلمات..



السيد شيمون بيريز لم يحرك مشاعر رنا قباني باستخدامه لشعر نزار كالماء القراح كي يغسل به الدم الذي على يديه وعلى سكاكينه وأسنانه وثيابه وحذائه .. الحبر من كلمات نزار في قلم شيمون بيريز لم يوقظ أميرتنا النائمة من اغفاءتها .. ولم تستيقظ رنا بعد تلك القبلة البيريزية لكن ماأوقظها هو قبلة بشار الجعفري !! .. وصار شيمون بيريز نسيبنا وحبيبنا ووصينا .. وصرنا نقيم له الولائم من ذبائح قصائد نزار ... وربما يقول لنا شيمون بيريز يوما من على صحيفة عبد الباري عطوان أن أصوله دمشقية (وربما بشهادة رنا قباني) وأنه من حي مئذنة الشحم .. وتربى مع نزار قباني في نفس البيت حيث الورود وشجرة النارنج .. وأكل من نفس عروسة الزعتر التي أكل منها نزار .. وكان يطمر كنوزه الطفولية مع نزار في زورايب الحارة الدمشقية التي رسم على جدرانها صورا وكسر على أدراجها لعبا ..وهو أحق بالحرية وبالأحزان على الوطن السوري من بشار الجعفري ... ومن بشار الأسد ... ومنا كلنا
السيدة الفاضلة لاتعرف أن نزار قباني عندما أحس أن صدام حسين قد يواجه الغرب كله ويسترد الكرامة أرسل الى (الديكتاتورالشهير قاسي القلب) رسالة شهيرة بخط يده (نشرها حسن العلوي مصورة في كتابه أسوار الطين) وقال فيها لصدام حسين بالحرف: "فشكرا لصدام حسين الذي قطّر في عيني اللون الأخضر".. وبالطبع نزار الكبير لم ينس أن يعاتب صدام حسين بقسوة بعد الهزيمة وقال غير مجامل:


مضحكة مبكية معركة الخليج
فلا النصال انكسرت على النصال
ولا الرجال نازلوا الرجال
ولا رأينا مرة آشور بانيبال


 نزار يا رنا كان يبحث عمن يكتب له الكبرياء ... ونزار خرمش السماء بأظافره بعد نكسة حزيران ولم يجامل "أبا خالد" (عبد الناصر) .. فهل تذكرين هوامش على دفتر النكسة .. يا رنا؟؟
نزار يارنا ورغم ديكتاتورية عبد الناصر فانه أعجب به بطلا قوميا وبكى عليه في قصيدة "قتلناك يا آخر الأنبياء" ..ان كنت تقرأين شعر نزار ..
من عاثر حظ نزار أن معركة عام 2006 وقعت بعد رحيله ولم يلتق بالكبرياء الذي جاءت به بنادق المقاومين .. ولم تكتحل عيون نزار الخضراء برؤية صواريخنا تقبل المستوطنات الاسرائيلية بشبق .. كي يعطي دمه كما قال:
قد لا أكـون مُهذباً مثلَ الذين عرفتهـم
..
ومُعلباً مِثلَ الذين عَرفتهم .. ومشمعاً .. وملمعاً مثلَ الذين عرفتهم
 ..
لكنني أعطي دمي من أجلَ لحظة كبريــاء أنا لاأستطيع مصادرة نزار قباني يا رنا .. فهو ثروة انسانية، بل ان استعمال بيريز لكلماته دليل على أن نزار قد دك حصون الغرور الاسرائيلي حتى اعترف به مبدعا خلاقا يعتد بكلماته .. ووصلت كلمات نزار قبل وصول صواريخ الكاتيوشا الى قلب اسرائيل ووصلت كلماته الى الكنيست والى فم وقلب مجرم كبيريز .. ولولا كلمات نزار وأمثاله التي ألهبت مشاعرنا على الدوام لما قاتلنا اسرائيل هذا القتال العظيم في 2006 .. كلماته كانت مثل شعاع الليزر الذي يوجه الصواريخ ..و ليزر نزار كان دوما موجها الى فلسطين ..فقط ..ولم نفعل سوى أننا لحقنا شعاع الليزر كما لحقته كاتيوشا حسن نصرالله .. وستلحق بليزر نزار بقية الصواريخ السورية .. فكيف لا تتبع صواريخ دمشق كلمات ابنها نزار الليزرية .. يا رنا ..



ولأنني لاأستطيع مصادرة أية قطعة من هذه التركة الانسانية العظيمة والعبقرية السورية، كما لايستطيع انكليزي مصادرة (هاملت) ومسرحيات وشعر ويليام شكسبير .. وكما لايستطيع فرنسي محاصرة (مأساة) فيكتور هوغو أو أعمال فولتير وجان جاك روسو .. فانني لاأجرؤ على منع البوذيين والوثنيين وأكلة لحوم البشر الأفارقة من أن يحبوا اشعار نزار قباني ..كما يحبه كل من قرأه على وجه الأرض ..



وكما لاأستطيع منع نساء العالم من عشقه والاحتفاظ بدواوينه تحت وسائدهن - حتى لو أفتى القرضاوي والازهر والنجف الأشرف بتحريم شعره - فانني لاأستطيع الادعاء وتوقع ماسيقول نزار لابنة أخيه رنا بعد اعتدائها عليه وعلينا .. وبعد فرمانها العثماني بسجن الكلمات .. وبعد بيعها للدواوين لأبي لهب ولأبي جهل ولأبي نفط ولأبي غاز ..ولبرهان غليون .. وللعرعور ..وللقصابين الثورجيين .. ولثورجية الناتو الهمج .. ولبرنار هنري ليفي .. وتحويل شعره الى أكياس موز تعلبها لنا قطر ..


ومع هذا فسأقول لرنا قباني:
سنرسل لك ديوان نزار قباني كي تقرأيه .. ولكي تتعرفي عليه .. ولكي تتوقفي عن اخافة قصائده وقمعها .. ولكي تتوقف الدموع في عيون قصائده عن الجريان على خدودها  .. فيبدو أن نصف سكان الأرض من قبائل الزولو الافريقية الى الاسكيمو في القطب الشمالي يعرفون نزار قباني وأنت لاتعرفين هذا الرجل .. ونتمنى أن تقرأي اشعاره وخاصة قصيدة الثقافة المفخخة .. ولانك لم تقرأي لنزار فهاهي ذي القصيدة:
كل شيءٍ في حياتنا
صار مفخخاً..
السيارات.. والرسائل.. والطرود البريدية
حتى الثقافة العربية
صارت مفخخة...


وأخيرا وقبل عيد الحب القادم بعد أيام، هذه قصيدة من ديوان نزار خاصة لك بعنوان: "
صباحك سكر" .. نقدمها لك مع شعاع الليزر .. يارنا بنت مسند .. أو بنت خليفة آل ثاني ..لافرق .. كلكم من نفس السوية ..

   
مع تحيات شعب نزار قباني