يلومني الكثيرون على تجاهلي لما يسمونه "ثورة الربيع العربي" واصراري على اشاحة نظري عنها بازدراء .. ويسوق لي البعض المقالات والمقابلات وصورا من اليوتيوب .. لكنني لم أستطع ابتلاع هذه الثورات ولاهضمها ولااستساغتها .. وموقفي ليس عنادا ولاتشبثا بنظام ولابعهد بل هو انحياز نحو عقلي وقلبي أولا وانحياز نحو كل ماتعلمته وقرأته .. وأنا قرأت كل ماقرأت في حياتي كي أتمكن من استعمال عقلي في حدث مفصلي كهذا .. وكي لا أسلّم بالأشياء فقط لأن الجمهور يريد ذلك ولأن بوصلة الشارع لاتخطئ حسب مايزعمون .. انني لاأحب السير مع القطيع الذي تقوده الذئاب ..بل وتسير بينه الذئاب .. ولاأحب الثورات التي لاتعرف نكهة الفلسفة ولا نعمة الفكر..فهذا برأيي ذروة الكفر..
لاتلام الديكتاتوريات اذا لم تكن لها فلسفة ولا فلاسفة يعتد بهم وبفكرهم .. فالثيران لاضروع لها لتنتج الحليب ..ولا أتوقع أن تنتج الديكتاتوريات فلسفة ذات أثر .. لكن لايغفر للثورات فقرها بالفلسفة وغياب الفلاسفة والمفكرين عنها وهم الذين يضيؤون ويتوهجون بالأفكار .. والثورات العظيمة يوقدها عظماء وتضيئها عقول كالشهب وتتكئ على قامات كبيرة ترسم بالنور زمنا قادما بالقرون .. وغياب هؤلاء يسبب تحول أي ثورة الى مجرد تمرد أهوج وانفعال بلا نتيجة سوى الدمار الذاتي..