‏إظهار الرسائل ذات التسميات برهان غليون. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات برهان غليون. إظهار كافة الرسائل

ستالينغراد السورية تتحدى الفوهرر.. وتعذيب العقل السوري

الضجيج الشديد لايسمح لنا بقراءة دقيقة للواقع.. نحتاج للهدوء.. ونحتاج للثقة بالنفس.. ونحتاج لتفحص المعلومات بعين الفاحص لاأن نقوم "بتعذيب المعلومات"..

 في دراستي لنيل الدكتوراه تعلمت أن الغاية من الحصول على الدكتوراه ليست في كتابة الأطروحات المطولة بل تدريب العقل على الملاحظة الدقيقة والتقاط اللحظات الحاسمة في مراقبة الظواهر لاجراء النقد والتحليل ثم الحصول على الاستنتاج العلمي الدقيق دون تحيز .. وأتذكر أنني في بداية دراستي الأكاديمية البحثية حصلت على نتائج باهرة تسمح لي بنشر الأبحاث في المؤتمرات الدولية وتستقطب الاهتمام .. ولكني عندما عرضت النتائج متحمسا على أستاذي في الجامعة تأملها بعين ثاقبة ثم نظر الي وقال: ألا تعتقد أنك قمت بعملية تعذيب المعلومات؟؟ وفوجئت بالتعليق والحكم فنظرت اليه مستفهما فقال:
"نتائجك ممتازة جدا لكنك قمت بتعريض المعطيات لديك والأرقام لليّ العنق وأجبرتها على "الاعتراف" بما تريد أنت أن تحصل عليه لتنشره كحقائق .. يمكنك نشر البحث ولكنك لن تتمكن من ترجمته على الواقع ولن تقنع به أحدا ..لأن النتائج التي حصلت عليها كانت نتيجة اعتراف "الأرقام" تحت "تعذيبك" للمعلومات .. لقد أخضعتها لمعادلات أنت تريدها ومارست الضغط الشديد عليها وقمت بجلدها كي تعترف .. البحث العلمي هو البحث عن الحقيقة .. وليس عن الأمنيات والأحلام وتلبية الرغبات" ..
ثم أعطاني الأوراق وأضاف مبتسما: "كل شيء في الحياة يشبه البحث العلمي .. كلنا نبحث عن الحقيقة لتبوح لنا بما لديها فقط لا لنجبرها على اعترافات تناسبنا.. الحقيقة جميلة كالمرأة الجميلة.. وتعذيبك لها لن يجعلها تحبك.. مهما قالت: أحبك"..
بالطبع كان ذلك درسا لايضاهى في قيمته أعتمده منذ ذلك الوقت في كل حياتي للحصول على الحقائق من دون خداع النفس بل باستعمال التحليل السليم ..للحصول على الحقيقة ..

الصراع الفرانكفوني الأمريكي على المعارضة السورية.. صدام القاهرة مثالاً


وقعوا في بعض ..كلمة سرحان عبد البصير في مسرحية "شاهد ماشافش حاجة" هي أنسب توصيف لما حدث للمعارضين السوريين في القاهرة ..
ماالذي حدث بالضبط في القاهرة؟ .. الحقيقة أننا سمعنا تقصفا لأغصان المعارضة ..وسمعنا صوت تكسر النصال على النصال ..وأستطيع أن أقول بثقة ان الفرقة الرابعة للمعارضة بقيادة العميد حسن عبد العظيم أعلنت انشقاقها وتخوض معارك ضارية مع قوات برهان غليون ..ويؤكد شهود عيان سماع قصف الدبابات والمدفعية الثقيلة .. ويؤكد ناشطون تمكنا من الاتصال بهم سماع تحليق طائرات مقاتلة تشارك في العمليات القتالية ضد القوات المنشقة ..!! ..
هذا هو الانشقاق الذي يسمع صوته كانشقاق الخشب وكانقصاف الأشجار في الرياح العاتية ..

كوابيس فرانز كافكا وفضيلة الشيخ برهان غليون

عندما أطل برهان غليون فجأة صبيحة العيد وعلى غير توقع وانتظار وثبت اليّ من اللاوعي والعقل الباطن رواية فرانز كافكا بعنوان (المسخ) ..التي عرّفتني على شخصية مطابقة لشخصية السيد برهان غليون، وأحسست أن أقدار هذا الرجل وأقدار بطل رواية "المسخ" لكافكا هي (فولة وانقسمت نصين).. من يقرأ قصص كافكا الشهيرة يصاب بالدهشة من حجم التطابق بين سيرة حياة برهان غليون الكابوسية وأبطال شخصيات كافكا الكابوسية..ويدرك الناقد أن كافكا كتب بالرمز عن أسئلة الوجود الكبرى عبر أشخاص في الحياة يعيشون بيننا بشكل يومي ..ولاأدل على ذلك من تطور والتواءات حياة برهان غليون..

وفرانز كافكا هو أحد أشهر كتاب القصة ورائد الكتابة "الكابوسية" السوداء.. وبالطبع لاأريد تحقير السيد غليون بتشبيهي له ببطل رواية "المسخ" فليس من الأخلاق تحقير الناس مهما اختلفنا معهم .. لكن سيرة وانعطافات غليون الغريبة في الحياة لاتجد لها شبيها الا قصص كافكا الثقيلة كالكوابيس السوداء .. فحياة غليون تكاد تكون مستنسخة تماما من أبطال روايات كافكا ..أتمنى من كل قلبي ألا تنتهي حياة غليون تلك النهايات المأساوية المؤلمة لأولئك الأبطال المأزومين المهزومين لكافكا

أنت جريح.. وجرحك كبير كعصا موسى.. يبلع كل جراح العالم

وأخيراً .. وصلت طلائع الاسلاميين الينا في هذا الشرق ..حملتهم الينا الثورات ..ثورات الحرية والديمقراطية حملت الينا أنفاس الاسلاميين ..وللأسف فانها ليست بالأنفاس العطرة ..نفس كريه من فم مصطفى عبد الجليل ونفس مميت من فم راشد الغنوشي ..وبخار عفن من زفير اردوغان وهاهم اخوان مصر يتجشؤون في صناديق الاقتراع ..وفوق كل هذا نرى قيء رياض الشقفة على أرصفة السوريين .. أنا من يقول هذا الكلام وأنا من كنت يوما أحلم بالاسلاميين يكبّرون ويسبّحون الله في البرلمانات العربية وفي أروقة المؤسسات الحكومية ..كنت على الدوام أعتقد ان الاسلاميين لم ينالوا فرصتهم في عملية ديمقراطية وآن لنا أن نستمع اليهم وأن نصوّت لهم ..وآن لهم أن يقولوا كلمتهم دون أن تعترضهم السجون والمعتقلات ..ولكن الربيع العربي كشف لي كم كانت أحلامي ساذجة ..ورومانسية ..وغبية

شيفرة دافنشي في سورية.. العلوج وبنت البازرباشي

ان من العقل والحصافة والمنطق في الكتابة عن سوريا هذه الأيام بالذات أن نكتب بمنتهى الشفافية ..وأن نستشير عقولنا قبل قلوبنا سواء كنا موالين للاصلاح أم كان لنا رأي آخر مناقض تماما كالمعارضة .. من الخطر أن يطل أحدنا على تمنياته عندما يكتب عن وطن في أزمة .. ولكن من الأخطر أن ألا يطل على قلبه ولو برهة وهو يتحدث عن سوريا..
أمضي أيامي في قراءة كل مايكتب كتّاب الثورة  عن تصورات وترهات وانهيارات وبشائر نصر وأستمع الى كل مايقال والى كل المقابلات والبلاغات العسكرية التي تسكب في مقالات تسمى "آراء" ..  في كل يوم تطرح هذه الثورة مواليد جددا من كتاب لانعرفهم .. وتزدحم شوارع الصحافة العربية بكل من يريد أن يدلي بدلوه في البئر السورية .. وفي نهاية كل يوم يضيف عتاة الكتاب القدامى وعتاولتهم الى قواميسهم الثورية مفردات خرجت طازجة للتو من الفرن بعد عجنها بالأكاذيب والأساطير ويتحدثون الينا كما يتحدث الينا اليقين .. ويمارس سحرة الثورة كتابة التعاويذ ويوزع كهنتها الرقى والحجابات .. كما سحرة قبائل الأدغال الافريقية المتوحشة..
من بين كل ماأقرأ من هذا الكم الهائل لاأحس جديرا بالقراءة الا مايصدر عن شخص واحد بعينه .. أقلّب مايقول .. وأضعه تحت المجهر وأعرف أنني أقرأ في عقل الأفعى .. وكل الباقي هو الأذناب .. ومن يساوي برأس الحية الذنبا؟؟
انه صديقنا العزيز ..جيفري فيلتمان

مزرعة الحيوانات في سوريا

"مزرعة الحيوانات" هي رواية شهيرة للكاتب جورج اورويل وتعد هذه الرواية التي انتقدت ستالين وهتلر مثالا على الأدب التحذيري على الحركات السياسية والثورات الاجتماعية التي تطيح بالحكومات و المؤسسات التي تعتبرها فاسدة و غير ديمقراطية إلا أنها في الحقيقة ثورات مشوهة مليئة بالسوء والرداءة والقبح وتنتهي إلى الفساد و القهر بسقوطها في كبوات السلطة و تستخدم أساليب عنيفة و ديكتاتورية للاحتفاظ بها..
أورويل وهو صاحب رواية الأخ الأكبر (العالم عام 1984) .. لم يكن يعتقد أن عبقرية مواطن سوري قد ترجمتها الى الأرض هذه الأيام بعدما رأى الثورات العربية التي أكلت كبده ..بفسادها ونشرها للكراهية والحقد والبذاءة والكذب..

"مزرعة الحيوانات" لم تعد مجرد خيال روائي انكليزي بل هي موجودة على الأرض فعلا وفي احدى قرى سوريا بفعل عبقرية مواطن سوري عبر عن مشاعره المحترقة بصدق ومرارة .. ولو عاش جورج أورويل ليرى عبقرية هذا المواطن السوري في ترجمته لرواية "مزرعة الحيوانات" لتنازل عن حقوقه الفكرية لصالح هذا المواطن السوري الأصيل..

بانتظار يوم القيامة.. ماذا بقي لنا من الاسلام؟

لم أكن أتوقع في حياتي أن أقف في محاكمة تقوم بها نفسي مع نفسي ..ولم أكن أتوقع في حياتي أن أنقلب هذا الانقلاب على نفسي ..ولم أكن أعتقد يوما أنني سأعرف معنى يوم القيامة ..وأصل الى يوم القيامة ..
لكنني أدركتك يايوم القيامة ..عندما قامت القيامة في قناعاتي .. رغم مروري وهذا الجيل من العرب والسوريين بأزمات وأيام فاصلة ... الا أن هذه الأزمة أخذتنا جميعا ورغما عنا الى أسئلة كبرى لاتسأل الا في يوم حساب ..كيوم القيامة ..وجعلتنا بشكل مذهل نرمي برؤوسنا الى النار لأن رؤوسنا لم تعد ملكا لنا ..بل ملكا لأسئلة كبرى في هذه القيامة الصغرى..

لم أسال نفسي عن اسلامي كما سألته اليوم: ماذا بقي لنا من القيم التي تعلمناها..وماذا بقي لنا من الاسلام الذي عرفناه؟؟

مواليد هذه الأيام المأزومة في كل الشرق كثيرة ..لكن المولود الخطير برأيي كان توأما سياميا متصل الرأسين: رأس يقول ماذا بقي من الاستقلال الوطني ورأس يقول ماذا بقي من الاسلام؟

كيف تهزم في خمسة أشهر من دون معلم؟! قفزة عباس بن فرناس في سورية

لم توجد حركة احتجاجات نالت هذه الحظوة من العناية والدلال والرعاية على مستوى العالم كالاحتجاجات في سوريا والغريب أن المنصات التي انطلقت منها هذه الاحتجاجات لاطلاق التغيير هي نفس المنصات ومهابط الانزال التي أنزل عليها الرئيس بشار الأسد خطواته الإصلاحية والغريب أيضاً أن هذه المعارضة قفزت من تلك المنصات لتتركها ليحل محلها مشروع الرئيس بشار الأسد الذي أعلنه منذ زمن عندما وثبت هذه المعارضات في الهواء ...ولا يشبه هذا القفز إلا قفزة عباس بن فرناس ونهايتها المعروفة..ولم يعد السؤال هو ان كانت المعارضة السورية قد منيت بالهزيمة وتحطمت كما تحطم عباس بن فرناس الذي وثب في الهواء بحسابات خاطئة، بل صار السؤال:لماذا خسرت المعارضة هذه المعركة رغم كل هذا الحشد الأممي الداعم؟؟؟ ولايستحق من ينكر هذه الحقيقة في الهزيمة المرة للمعارضة الا الرثاء والدعاء له بدعاء جدّي "اللهم ثبت علينا العقل والدين يارب العالمين" ..

في الوقت الذي كان قادة الثورة من باريس والدوحة يتحدثون الينا عن انجازات الثورة وينصبون برهان غليون رئيسا لمجلس انتقالي قررت ألا أستمع لاعلام الثورة والجزيرة وبرهانيات الثائر "غليون" ولا الى اعلام السلطة في سوريا.. وقررت أن أتجول بنفسي بين الناس وفي مدن ساخنة وأتحدث اليهم لأن الحقيقة تهمني كسوري يريد ان يرى مايريده الناس ليعرف مدى انسجام أفكاره مع أفكار الناس ..ولمعرفة المسافة بينه وبين الناس والمسافة بين السلطة والناس والمسافة بين المعارضة والناس كيلا يعتقد أنه يعيش اليوتوبيا وأحلام اليقظة المأساوية كما يعيشها برهان غليون ومجلسه الانتقالي..

أردوغان: كلاكيت رقم 3 - أكشن

يتخبط السيد رجب طيب أردوغان في الملفات التي خلطها وخلط حابلها بنابلها..ويحاول الساسة الأتراك اليوم الحد من الخسائر المعنوية التي أصابتهم ..فكما نعلم فقد منح السيد أردوغان مدة أسبوعين فقط للقيادة السورية كي تنفذ وعدها باصلاحات "تركية" الطابع وعاجلة..وقد مضت الأسابيع تلو الأسابيع ولم يعر أحد اردوغان اهتماما حتى خفت صوته وبدأ "خناقة" حقيقية وجديدة مع حزب العمال الكردستاني لايعلم الا الله أين ستأخذه عجلات "البي كي كي"PKK..

مايفعله السيد اردوغان هذه الأيام من استعراض بطرد السفير الاسرائيلي هو عملية اسعافية لانعاش سمعته التي تحطمت في أسبوعين اثنين هما الأسبوعان اللذان حددهما لنفاد صبره من الرئيس بشار الأسد..فقد خذل أردوغان المعارضة السورية التي انتظرته على مشارف جسر الشغور وانتظرته على بوابات حماة ولكن الباشا الذي حلف يمينا بالطلاق ثلاثا على أنه سيأتي بتفويض أطلسي وأممي لنصرة الثوار السلميين ترك "الثوار" لقدرهم والتحق بالنضال في جبال كردستان واكتشفنا أن صبره قد نفد على حزب العمال والقرى الكردية وليس على سوريا..

مجلس "المبعوثان" السوري.. وأستاذ السوربون زعيماً للدبّيحة

لايبدو أن المجلس الانتقالي السوري المعلن قد ناله التوفيق والنجاح..المجلس الذي وصل عدد أعضائه الى 94 عضوا (رقم لاأدري لماذا يذكرني بأمّ 44) تجولت بين الأسماء فعرفت بعضها (ولاأفشي سرا ان قلت انني أعرف بعضها شخصيا) ولكني لم أجد له شبيها تاريخيا لهذا المجلس الا مجلس "المبعوثان" العثماني الذي شكله العثمانيون عام 1877 ليمثل بداية حياة دستورية ..لكنه كان مجلسا كاريكاتيريا لسوء فهم الناس لوظيفته.. ولذلك وقف رئيس (مجلس المبعوثان) في ختام جلسات الدورة الاولى في شهر تموز عام 1877 وقال للمبعوثين :"ارجعوا الى ولاياتكم وأعيدوا الانتخابات واجتهدوا ان ترسلوا لنا مبعوثين أتم عقلا وأكثر وقوفا على احتياجات البلاد" ..
المجلس الانتقالي السوري بحد ذاته عبارة عن خليط من تنافرات مدهشة ..واللعبة من دمج هذه المتناقضات هي للضحك على الذقون في الداخل السوري وتمثيلية الديمقراطية للمراقب الغربي للدلالة على تلون المعارضة واستيعابها للرأي والرأي الآخر...هذه المجالس الانتقالية كما نعرف لايمكن أن تعمل في الظروف الطبيعية على الاطلاق ولابد من قوة خارجية ضاغطة جدا لتجميعها للتغلب على قوى الكهرباء السالبة بينها..والأحوال التي اجتمعت فيها هذه المجالس الانتقالية وتشكلت سابقا كانت استثنائية وهي الحالة العراقية عقب الاحتلال الأمريكي والحالة الليبية قبل الاحتلال الأطلسي..وكلتا الحالتين كان العامل الحاسم في التشكيل والاشراف هو العامل الخارجي وتحديدا الغربي- الأمريكي ..ولاشيء يدعونا لتصديق أن المجلس الانتقالي السوري نشأ وحده وبعفوية وبعيدا عن اليد الأمريكية التي تعجن وتطبخ وتمزج الألوان وهي على هذه الحالة من التنافر..التي تشبه الأزياء الافريقية المزركشة..

المعركة الأخيرة بدأت.. درس في الفلسفة من زيارة حمد الى ايران

كنا في مدارسنا نتعلم دروس الفلسفة للوصول الى الحقائق، وكان أستاذ الفلسفة يجهد في شرح الحدس والاستقراء والمعادلات الفلسفية البديهية التي تبدأ بمقدمات سليمة لتصل الى نتائج صحيحة مثل معادلة:
كل انسان فانٍ...
سقراط انسان ...
اذا النتيجة ببساطة هي أن سقراط فانٍ..
ولذلك يمكن ببساطة استنتاج النتائج من المقدمات..

لكن فلسفة العالم اليوم صارت بلا منطق ..هذا عالم لايريد أن نقدم الحجة والبرهان والمنطق بل يريد تذكيرنا أن الفلسفة هي للكتب وطلاب الفلسفة ..الحدث السوري بامتياز كان صدمة أخلاقية ليس للسوريين فقط بل هو صدمة أخلاقية للفلسفة ذاتها .. واهتزاز عنيف للمنطق بدرجة 8،8 على مقياس ريختر .. فالكذب الخرافي وانقلاب الأصدقاء المفاجئ والطعن في الظهر أخلاق رخيصة لم نرها الا في المسرحيات الشكسبيرية وكتب التاريخ القديم .. واهانة الحقيقة وتكريم الكذب الفاجر علنا شيء غريب لايصدق .. وتكالب الأمم  على تناقضها -بغاثها ونسورها- على السوريين كقطيع الذئاب لايشبهه الا غزوة الأحزاب على المدينة والدعوة الاسلامية.. ولاتفسير له الا أن العالم يغير فلسفته وأخلاقه..

شعوب ستفقأ عيونها.. عقدة أوديب جوهر الثورات العربية

بالأمس نشرت صورة أحد الثوار الليبيين وهو يرفع علما كتب عليه ماسيكون مصير العرب المخيف بعد الربيع العربي..كان علما كبيرا فيه العلم الليبي الجديد "الثوري" (الذي رفعه من يسمون بالثوار الليبيين) ويتصل به علم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا ..هذه الأعلام رفعها الثوار في طرابلس ..لاتستغربوا ..نعم رفع أعلام العدو الثوار أنفسهم .. وأنا ضمين أن علم اسرائيل سيلحق بها وتأجل ذلك ليس خجلا، فللثوار الجدد مفاهيمهم الجديدة "الثورية"، بل تأجل لأن برنار هنري ليفي يريد رفعه من على السفارة الاسرائيلية القادمة في طرابلس..شاء مصطفى عبد الجليل أم أبى..وشاء المؤمنون أم أبوا..وشاء الثوار أم أبوا..انها فتح من فتوح هنري ليفي ..وهنري يريد مكافأته..

الطابور السادس في انتظار الأسطول السادس

التاريخ ليس دائما عن حكايات الهزائم والانتصارات وقصص الموت والحياة ..فالتاريخ وهو يروي لنا الحكايا يستريح أيضا من حديث أهوال الحروب والانقلابات والهزات، ويجلس ليحدثنا في استراحاته عن كاريكاتيرات تاريخية ومهرجين لايتخلى عنهم التاريخ فبدونهم لاتحلو الحكايات ولايتبدد سواد الأحداث ..ولعل أكثر مايجعل التاريخ يضحك بصوت عال هو أولئك الذين يحبون أن يلعبوا دور الأساتذة والوعاظ الناصحين وهم دراويش أميون ..ولكنه يضحك أكثر حتى تحمرّ وجنتاه وتنفخ عروق وجهه عندما يحدثنا عن أولئك الذين يعانون من العنانة وهم يريدون اظهار فحولتهم فيبعثون زوجاتهم الى فراش الباشا..ليحملن لهم منه..كي يبدو للناس أنهم فحول ورجال وتحبل منهم النساء ..وهنا يقصد التاريخ بالقول "المستأسدين علينا بالناتو" ..ثوار عنينون يريد أن يظهروا لنا فحولتهم فيتباهون بفحولة سيدهم وخصيتيه ..والتاريخ يتوقف عن الضحك لحظات ليقول: من كان فحلا فليظهر فحولته في فراشه ..ففحولة الناتو له وليست لكم...وأبناء ثورتكم "زوجتكم" التي شهدت فحولته هم أبناؤه ..ثم يغرق التاريخ في نوبة ضحك لاتنتهي..

لاتشتروا العبد الا والعصا معه

لاشيء أقسى على الناس من أن نزرع فيهم الأمل ونحن نعرف أننا نكذب..الكتابة في الشأن السياسي ليست فقط الدعاية والبروباغاندا..والكتابة خاصة في الأزمات تتطلب المسؤولية والأخلاق ..تتطلب اعترافا وتتطلب وقفة مع الذات..والكاتب مهما بلغت براعته في ممارسة البروباغاندا فانه يستحضر يوميا من قبل من يقرأ له ليحاكمه ويحاكم ضميره وليقرر ان كان الكاتب يستحق أن يمنح الثقة أم أنه يلحق بالسياسيين والمنافقين والمنتفعين والمشعوذين الذين هم عن ضميرهم ساهون . اذا.. ليس المهم أن نكتب بل الأهم ألا نكذب..
ولذلك آليت على نفسي ألا أكتب كلمة واحدة لست مقتنعا بها .. ولن أكتب عن انتصارات لم تحدث أو لن تحدث..ولن أكتب عن توقعات أحلم بها ولاأراها..ولن أمارس خداع النفس وخداع من يقرأني مهما اختلف أو اتفق معي..
مشكلتنا أننا لانزال نعتبر الكتابة -وخاصة السياسية - ضربا من ضروب الفهلوية والشطارة ولدينا مهارات موروثة في الغش بالكلمات وكأننا نكتب بيانات عسكرية يجب أن تكون فيها انتصارات من مثل (وكبدناه خسائر فادحة) أو (وعادوا الى قواعدهم سالمين)..ولذلك لم نخسر معاركنا العسكرية فقط (التي كبدنا فيها العدو خسائر فادحة!!) بل خسرنا معركة الثقة بأنفسنا وبمثقفينا وبسياسيينا..ووجدت أن أكبر أزمة نعانيها في السياسة والثقافة هي أزمة الثقة بما يقال..

شجر يأكل شجرا.. ووشم على الذراع.. ووجه امرأة باكية

في محاولتنا لفهم الطرف الآخر الذي يسمي نفسه معارضة سورية نتجول في كتاباتهم ومواقعهم الالكترونية وجرائدهم وفضائياتهم علّنا نجد لديهم الوطن الذي كما يقولون ضيّعه النظام السوري ..تجوس عيوننا كل العناوين والمانشيتات علّنا نسمع دقات قلب الوطن في ثنايا تلك الزوايا..نجس كلماتهم كما يجس الطبيب نبض المريض ونضع سماعاتنا على صدورهم علّ الوطن يخفق بين ضلوعهم .. لكن وجدنا كل شيء الا الوطن ..وجدنا الضحايا والدم وصور نصف الموتى فقط، أما النصف الآخرالذي فتكت به السواطير المؤمنة فابتلعه النسيان والتناسي...بل في مواقع تلك المعارضة عناوين تستحق أن تحاكم في أقفاص محاكم الجنايات الشائنة على مباهاتها بتعذيب الوطن ..
فالمعارضة "التي يفترض فيها أنها وطنية" تبشر الوطن أن سياحته مدمرة وتتحدث بتشف عن الحاق ضرر كبير بقطاع السياحة بسبب الاحتجاجات..والمعارضة تتناقل بابتهاج وابرنشاق خبر تراجع بنك ما عن طبع عملات للسوريين ..والمعارضة الوطنية ترقص على أنغام موسيقا جاز العقوبات والحصار على سوريا لأن الحصار سيضعف الاقتصاد والاقتصاد الضعيف سيفقر الناس وفقر الناس سيدفعهم للتململ و ..الثورة. والمعارضة ترقص لنا رقصة السامبا وهي تتحدث عن مقاطعة النفط السوري لأن النفط مصدر من مصادر تمويل النظام وليس وزارات الدولة ومشاريعها وموظفيها..المعارضة ترسل الوفود للضغط على دول لتقبل بتفويض الناتو بالحصار والعمل العسكري لأن قنابل الناتو ستدمر البلاد ولكن ليس ذلك مهما بل المهمّ أن النظام سيسقط .... على مبدأ ان الرجل الذي خضع للجراحة مات (أي الشعب) ولكن العملية (أي استلام السلطة) نجحت..

مكونات منظومة زحل ومرحلة ما بعد الازمة السورية

لاأزال أذكر معنويات صديق لي معروف بوطنيته عندما اتصل بي قلقا بعد ثلاثة أسابيع على بداية الأحداث السورية وبدا أنه في قاع اليأس من أن سوريا تحترق وأن انهيارا كبيرا سيحدث في الدولة خلال أيام.. وكاد يغص وهو يقول: لعبتها اسرائيل صح ومشروع هزيمتها انتهى..وقعونا في بعض"..
بالطبع لم أشاطره النظرة رغم ادراكي اننا مقبلون على قطع ليل مظلمة.. وأكدت لصديقي أن ماأعرفه عن تماسك البلاد يعطيني شعورا باليقين من الانتصار.. والثبات
في بداية الأحداث كان السوريون يجلسون أمام شاشات التلفزيون صامتين حائرين مشوشين..الأخبار مخيفة عن "حلول أمنية" وعن شبيحة وعن عويل العائلات وفرار اللاجئين الى الأردن و.... الشعب يريد اسقاط النظام. الأخبارالتي وردت من الجزيرة وكل الأصدقاء جعلت معظم السوريين يحسون بالقلق الشديد على بلدهم ..وعلى ضمائرهم أيضا.. فكيف كوطني تؤيد نظاما يقتل أشقاءك ؟؟

نصيحة الماهاتما غاندي للثوار السوريين

 يقال ان الناشطين الحقوقيين عمار القربي ورزان زيتونة التقيا المهاتما غاندي الذي طلب مقابلتهما لسماعه عن مدى سلمية الثورة السورية التي أطاحت بسلميتها بمكانة غاندي وثواره كرجل اللاعنف وصاحب مبدأ المقاومة السلبية..وقد وصلت الى أسماع غاندي أخبار عن سلمية ثوار سوريا لدرجة أدهشت التاريخ وجعلت غاندي يحس بالخجل من لاسلمية ثورته في الهند تجاه ملائكية ثوار سوريا
وقد تحدث اليه القربي وزيتونة بعيون دامعة وبغصة في الحلق عن وحشية الأمن السوري وعن الطفل حمزة وعن بلبل الثورة الذي قطعت حنجرته وعن بربرية نضال جنود الذي قتل مجموعة من الشبان الوديعين وعن الشاب البريء عماد سلواية الذي كان شعاره السلمي الوديع الدائم "ربي يسّر" وكيف أن قطار حمص انزلق على سكة الحديد لأن الشبيحة أرادوا قتل الناس للاساءة لسلمية الثوار وأن أنبوب نفط دير الزور وحمص انفجرا قضاء وقدرا وأن الجيش السوري قتل 120 جنديا في جسر الشغور لرفضهم أوامر القتل...الخ ..وطالت بكائية القربي وزيتونته...ولكن غاندي استمع حتى انتهيا..فقام ولف ثوبه الأبيض الشهير حوله وقال:خذاني الى قيادة ثورتكم كي أتعلم وأزيد من عمق تجربتي في اللاعنف والتغيير السلمي..

ضربة معلم ياسوري.. رسالة من روح درويش الى المعارضة

كم أحس بالشفقة الآن على معسكر المعارضة وقادته ..وأكثر من يستحق الشفقة هم مجموعة المنظرين والمتحذلقين وفلاسفة الحرية من امثال عزمي بشارة وعبد الباري عطوان وداود أوغلو واردوغان ولاشك انني شامت بهم رغم انني أقدر مشاعر المهزومين وخاصة اولئك الذين كانوا يتحفوننا بآرائهم من خلف الشاشات وعناوين الصحف..ولاأدري الا أن مشاعر الكثيرين الآن هي في قاع اليأس من مثل الشقفة والبدلة والعرعور والطرطور ورزان زيتونة وجبنة ولبنة وأستطيع أن ارصد اهتزازات زلزالية لدى هيثم المناع والمالح والحامض والحلو وغليون وأركيلة..

رؤوس الثوار.. برهان غليون مثالاً

كتب برهان غليون واحدة من أردأ مقالاته على موقع الجزيرة نت (حتى لايتحول الحوار الوطني الى ذريعة) وبدا يتحدث كأب لما يسمى "الثورة السورية" ينصح ويعطي ويشترط ويرفض كما لو كان يحاصر قصر الشعب بجحافل ثواره ويملي شروط الاستسلام ...ولكن هذا الرجل القابع في باريس لم ينزل الى الأرض السورية ليعرف جنوده وأنصاره من المراهقين والبلطجية والمهربين ..والجاهليين الاسلاميين
قائد الثوار الباريسي يعيش أوهامه كما لو أنه جان جاك روسو أو روبسبيير أو دانتون أو فولتير متمثلا شخصياتهم كحالم يقظة، ويعتقد أنه يكتب لثوار يقرؤونه...وثواره الذين يجوبون الطرقات هم في غالبيتهم من الأميين "ثقافيا" الذين لاتحركهم العلوم الاجتماعية والأبحاث التي كتبها غليون .. فهؤلاء ينطبق عليهم قولخ تعالى (وماأوتيتم من العلم الا قليلا) ..بل جلّهم يتحركون من اشارة من رجل الدين والمفتي ..هؤلاء لايخرجون الا من المساجد ولايفهمون معنى الحوار الوطني ولانداءات الحرية ..ويستطيع شيخ لوطي هزيل العقل والفكر وضحل الايمان مثل العرعور أن يقودهم الى التهلكة والفوضى والتخريب باسم الثورة..بل هؤلاء قد لايميزون بين الحاخام وشيخ الجامع طالما أنه بلحية ويتحدث في الدين بلغتهم...

من كوميديا الثورة السورية: عندما تسرج الكلاب

كان الرسول (ص) يدعو الله ان يعزّ الاسلام بأحد العمرين (عمرو بن ود العامري أو عمر بن الخطاب) ولكن بالــتأكيد فان كلا العمرين كانت له ميزات شخصية استراتيجية ومواهب فريدة حتى يتمنى الرسول نفسه انضمام أحدهما الى الدعوة وكان للرجلين مكانة وصفات تعزّ الدعوة بحق..
المعارضة السورية لاتملك "لاعمرو ولاعمر" من حيث الأوزان الاستراتيجية التي تخلخل المجتمع وتهز معسكر السلطة العملاق بجمهوره الواسع الملاييني (الا اذا اعتبرنا عبد الحليم خدام أو أيمن عبد النور أو العرعور أحد العمرين وهذه اهانة لشرف التاريخ لاتختلف عليها المعارضة والسلطة)، فتلجأ هذه المعارضة الى عملية صناعة الأبطال البلاستيك فتزج بأسمائهم وتلبسهم الدروع كأنهم فرسان "قمصانهم مسرودة من الحديد" كما هو قميص المتنبي، وهم في الحقيقة كومبارس لم تتمكن حتى أعتى وأحذق كاميرات السينما وحكايات باب الحارة من أن تصنع منهم أكثر من كومبارس ناجحين..في دور رديء.