حتى أنت يا بوتين؟!! هل يفعلها أردوغان في الكوميديا الالهية؟

ماحدث في الأشهر الأخيرة من تغير في المشهد الاقليمي وتقلبات الدول والعلاقات في مأساته وغرائبيته أشبه "بالكوميديا الالهية" للشاعر الايطالي "دانتي أليغييري" الذي وصف في ملحمته الخالدة التصورات المسيحية للآخرة وقسّم ملحمته الى ثلاثة أقسام هي: 1-  الجحيم  2- والمطهر 3- والجنة ..
 
والكوميديا الدولية في الربيع العربي أطلقت "مرحلة الجحيم" في تحول أمير بدوي جاهل من أتفه ماأنجبته جزيرة العرب الى منظّر للحريات ينضوي تحت جناحه مثقفون عرب .. والكوميديا تجلت في اندفاع السعوديين المعروفين بحكمهم القروسطي الظلامي خلف شعارات الحرية والعدالة والثورة والبكاء على الشعب السوري ..والكوميديا أيضا تجلت بظهور شخصيات من قاع تخلف المجتمع العربي لتتلاعب بمصير الشعب السوري مثل العرعور والقرضاوي .. بل تجلى الجحيم كله في انقياد مثقفين عرب وسوريين لقيادات دينية وخارجية متناقضة معها تماما مثل برهان غليون وكل رهط استانبول .. والكوميديا الدولية تأبى الا أن تتوج هذا الجحيم الفكري بتصريحات الناتو عن الحرية وحقوق الانسان فيما هو يبول عليها وعلى أبنائها ..


مرحلة الجحيم في الثورات العربية هي التي توّجها وصول "قيادات" اسلامية هزيلة متواطئة مع الغرب .. وفي سورية وصلت الى ذروتها في الظهور المسلح للارهابيين والمهربين الذين سرقوا اسم الثوار من قواميس الشرق المجاهد ومن مسلسلات باب الحارة في محاولة لاستدراج البلاد الى عنف وقلاقل أدت الى كثير من الضحايا والشهداء والى تراجع الشعور العام بالأمن ..
"جحيم" الربيع العربي لن يصل الى "المطهر" الا بعد نبذ هذه التيارات الاسلامية المشوهة بالنفط والغاز التي تطفلت على الاسلام الحقيقي الذي كان اعاد اكتشافه جمال الدين الافغاني ومحمد عبده فقام القرضاوي بايمانه الرث .. ببيعه بالدولار
لكن متى ستنتقل الأزمة السورية الى مرحلة المطهر ..؟؟ أي متى ستنتهي مرحلة الجحيم؟؟ وأين تسير الأحداث بعد ذهاب المراقبين العرب؟
الكل متفق الآن أن الوضع السوري سيتغير بشكل دراماتيكي في أحد اتجاهين ..اما أن يتغير التماسك في المحور السوري-الايراني-الروسي، واما ان يتفكك المحور المقابل الغربي- العربي- التركي بتراجع أحد مكوناته ..
محور الشر العربي –الغربي المناوئ للشعب السوري يصر على تصعيد الجحيم  .. والسؤالان اللذان يشغلان كل المحللين السياسيين وكل السوريين هما: هل ستغير روسيا اتجاهها أخيرا مما يعني أن مرحلة الجحيم بلا نهاية وأن لامطهر ولاجنة بعده؟ والسؤال الثاني -وهو أكثر الحاحا - هو لماذا لم تحسم الدولة السورية بشكل كامل؟ هل كما يشاع بأن للاعتراض الروسي على الحسم العسكري أثر؟ هل الدولة من الضعف بحيث لاتتحرك ضد المسلحين؟ اذا ماذا ننتظر؟
 
لايستطيع أحد الادعاء أنه يعرف يقينا أي جواب  الا "الراسخون في العلم السياسي" .. ومايلاحظ أن كل من يواجه السؤال من معسكر السلطة والمعارضة لايعطي جوابا قاطعا عن سبب تأخر الحسم وتبدو عليه الحيرة أحيانا مما يزيد في الحيرة ..خاصة وأن الجميع يدرك مدى قوة السلطة عسكريا التي لن تحتاج الى كبير عناء لالحاق هزيمة ماحقة بالمسلحين خلال أيام ..
فيما يخص السؤال الأول المتعلق بروسيا، فان من يطرحه ليس هو الجانب الرسمي السوري بل هو معسكر الشر الخليجي الاستانبولي .. والغاية منه ابقاء الوطنيين السوريين والشارع السوري في حالة ذعر وهو الذي يمور بالتفاؤل بعد ثبات الدولة السورية في وجه أعنف هجوم عالمي اعلامي- سياسي- ارهابي على دولة .. فتركيز محور الشر على هذا السؤال هو لابقاء المواطن السوري قلقا وينظر الى الخلف لحماية ظهره وليس الى الأمام لمواجهة الأشرار والمشكلة الرئيسية .. وبالطبع لاشاعة الاحباط والتشجيع على النجاة من سفينة "تايتانيك" الغارقة .. وكذلك يروّج الثورجيون تلك الاحتمالات لابقاء القيادة السورية وجمهورها متوترا ويفكر في تقديم تنازلات وطنية في المفاوضات السرية (التي تجري الآن بصمت مع السوريين كما يعتقد) خوفا من مفاجأة تغير روسية تقلب المعادلة على السوريين في آخر لحظة .. خاصة بعد أن تبين أن روسيا تمسك بلجام الغرب وتشده بقوة بعيدا عن سورية..
اعلام الثورجيين والعربان لايستحي طبعا ولايعنيه ان احتقره المشاهد السوري لأن هذا الاعلام توقع انقلابا روسيا في كل يوم منذ عدة أشهر .. حتى أن أحد المعلقين رد ساخرا على هذه القراءة الساذجة بالقول: المعارضون وحلفاؤهم قد وصلوا الى حال يرثى لها في تمنياتهم بشأن روسيا.. ومن يستمع لنبوءاتهم يعتقد  أن روسيا ستقرر احتلال سوريا بنفسها .. وأن الأسطول الروسي وحاملة الطائرات قبالة طرطوس جاؤوا لانزال قوات برية للغزو الروسي لسوريا ..!!

بالتأكيد يستغل الاعلام "المراهق" بعض المقولات ويجترّها ليل نهار من مثل أن روسيا باعت العراق وليبيا ... وروسيا في النهاية تبحث عن مصالحها .. بل ان الطبال عبد الباري عطوان كلف نفسه وساهم في قرع الطبول وحمل هذه "البطيخة" من قبل الصحافة الاسرائيلية بترويج فكرة أن الروس في النهاية سيبيعون من أجل مصالحهم قبل كل شيء .. وقد غاب عن هذا الصحفي الطبال وغيره - الذي لم تصدق نبوءة واحدة له حتى اليوم - ان روسيا في اصرارها على دعم السلطة السورية تدعم مصالحها هي في بقاء نظام الحكم الحالي وان كل البدائل ستجعل روسيا نفسها متسولة لمصالحها في الشرق..
الاعلام "الرشيد" الخليجي لايستحي حتى من تذكيرنا واستغلال تجربتنا مؤخرا من طعن بعض الأصدقاء ويريدنا أن نؤمن أن الروس سيطعنوننا في الظهر كما فعل الآخرون باعتبار أن كل من كانوا أصدقاء طعنونا في الظهر من صغيرهم حمد الى كبيرهم أردوغان مرورا بصبيان لبنان وملوك رقصة العرضة بالسيوف السعودية ..
لابد أن نعترف الآن ان الشخص الوحيد الذي فاجأنا هو أردوغان أما حمد وصبيان لبنان مثل سعدو وجنبلاط فتاريخهم لايدل على أن لهم أخلاق الفرسان بل هم لايجيدون الا الغدر .. وأمثال وليد بيك جنبلاط لم نعتبر طعنتهم غير متوقعة بل في الحقيقة ما فاجأنا هو تأخر وليد بيك في اخراج نصل خنجره من غمده .. والقياديون السورين كانوا يرون بأطراف أعينهم تحركات ظلال جنبلاط على الأرض خلفهم .. ويتمتمون في كل مرة : يا الله !! هل هذا هو فعلا ابن كمال جنبلاط الذي يقال أنه وطني يريد اعلاء منطق الفروسية وقيم الموحدين؟؟   

يكثر الثورجيون من النظر الى روسيا ومن أخذنا عنوة لنرى معهم مسرحية من الخيال السياسي اسمها (حتى أنت يابوتين؟) .. لكن لاأدري لماذا ينسى الثورجيون ظهورهم .. ولايلتفتون .. فهناك مرشح بينهم للانقلاب عليهم وهو ان انقلب انتهت كل اللعبة .. انه تركيا ..ومن هنا يمكن تفسير تلكؤ السوريين  في الحسم العسكري الذي يحير الجميع ..فكيف ذلك؟؟
في الحقيقة هناك بعض الهمس الخفيف بين مراقبين غربيين متابعين "للربيع العربي" وصلتني شذرات من آرائهم عبر الايميل من خلال سؤالين وجهتهما لهم ..الأول: عن احتمال انهيار النظام في سوريا اذا ماتغيرت المعادلة بغياب العامل الروسي ..والثاني عن تفسير الغموض في موقف الدولة السورية من الحسم العسكري !! .. فعادت جميع الأجوبة تقول انه لاتوجد أية مؤشرات قوية تؤدي لانهيار النظام .. وبالطبع لادلائل على تغير الروس .. بل على النقيض ..ان تحت السطح مايعاكس ذلك ..
تقول هذه الآراء ان لاحيرة في الاجابة عن سؤال الحسم العسكري ..فالسوريون لديهم كل الامكانيات للحسم ..لكن من الواضح أنهم ينتظرون مفاجأة ..أو يعملون على انتاج مفاجأة ..وهم يتصرفون بنفس خطوات الخصم الذي يريد احداث خرق في الموقف الروسي ..لكنهم كما يبدو يعملون على احداث خرق في المعسكر المناوئ لهم ..وحظوظهم في ذلك أوفر .. اما لماذا فان تقدير الدولة السورية هو ان "مايمكنك تقطيعه بالملعقة لاتقطعه بالساطور" .. وهم مهتمون جدا بأن يتم شلّ المعارضة المسلحة بدل تصفيتها دمويا ..فالسوريون لايفضّلون "حماة" ثانية ولا "عنف الثمانينات" ولا طريقة عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، خاصة ان المسلحين يتمترسون في أحياء سكنية .. بالطبع يعمل السوريون على اختراق المسلحين استخباراتيا بعناية، في الوقت الذي تظهر فيه دلائل على أن هناك جهدا لاحداث خرق يشل المسلحين تماما ويشكل حالة صدمة للمعارضة يتمثل في غياب قوة رئيسية داعمة !!
الاختراق العسكري صار واضحا فأحد التقارير التركية يشير الى صورة أحد مسلحي الجيش "الحر" الذي ظهر في احدى اللقطات يرفع شارة النصر كان أحد الذين ألقي القبض عليهم سابقا بتهمة حمل السلاح وأطلق سراحه وهناك تحذيرات من أن هناك كثيرين ممن تم تجنيدهم في المعتقلات لصالح الاستخبارات السورية تم زرعهم في مفاصل المسلحين ..وعملية الاستئصال ناضجة معلوماتيا الآن على الأقل ..

اما بخصوص تغييب احدى القوى الرئيسية المساندة للمعارضة فتقول تفاصيل هذه الآراء أنه فيما يتطلع التحالف المناهض لسوريا لاحداث خرق في موقف روسيا ليكون بداية النهاية في اللعبة السورية فان على هذا التحالف ان ينظر خلفه قليلا.. فلربما وجد أحد الحلفاء للمعارضة قد "كوّع" .. فاللاعب التركي مثلا يبدو متلكئا عن متابعة المشهد واستئناف المباراة ..بعبارة أخرى ليست روسيا هي التي ستنقلب وتغير اتجاه الاحداث .. بل تركيا هي المرشحة أكثر بكثير للانقلاب على مواقفها السابقة ..والمتابع لما يقوله الصحفيون الأتراك مثل علي بولاتش في صحيفة "زمان" الموالية لحزب العدالة والتنمية  وابراهيم قره غول وعاكف ايمري يمكن أن يهرش رأسه قليلا في حيرة ..وربما هز رأسه بعد ذلك موافقا ..
وقد لفت أحد الردود نظري الى تصريحات طازجة لعلي أكبر ولايتي كبير مستشاري الأمام علي الخامنئي في الشؤون الخارجية وفيها تحدث بودّ عن تركيا وأن "الأصدقاء" الأتراك يراجعون مواقفهم ..!! وهذا رجل لايتحدث هراء ولايمنح الصداقة جزافا ..

يبدو الأمر صعبا قليلا .. ولكن في رأي هؤلاء المراقبين فان تركيا كانت رأس الحربة الرئيسي في المشروع ضد سوريا غير أن حساباتها تعثرت كثيرا ولم يسقط الأسد في الأسابيع الأولى كما توقعت (أو كما زيّن لها) رغم كل التهديدات والضغوط والعنتريات التركية .. والأزمات بين الدول المتجاورة قد تحتمل عداوة باردة لسنوات وعقود كما هو الحال عبر التاريخ لكنها لاتحتمل سخونة متواصلة وحرائق الا لشهور معدودة خاصة في غياب قدرة من الطرفين على بقاء العيش في الحريق ..بل انه حتى الحروب الطويلة تمر بفترات برود واستراحة .. والأزمة السورية التركية تجاوزت تلك المرحلة ويجب أن تصل الى استقرار ..وبرود النار
الأتراك صاروا الآن يعرفون أن الاستمرار في اللعبة ورطة وأن الرهان على الحصان الخاسر ليس "شطارة" .. وهم يعرفون أن رسائل ايرانية وروسية صارمة قد وصلت اليهم وان كل الدعم من الغرب تبخر .. والأهم أن رسالة الشعب السوري كانت الأكثر حسما ورآها القياديون الأتراك حيث وصل هدير ساحة الأمويين الى قلب مكتب أردوغان حتى اهتزت صورة كمال أتاتورك على الحائط من صدى الحناجر السورية الغاضبة .. أي أن الأتراك اكتشفوا أنهم سيحاربون نيابة عن الآخرين وسيعيشون على حدود الحرائق وربما يلسعهم اللهيب ..علاوة على ذلك فان الأسد لن يطيل سكوته ويستطيع ببساطة اطلاق حرب عصابات في تركيا ردا على عصابات الاخوان القادمة من حدود تركيا ..لتنتقل الحرائق الى تركيا
في تقدير هؤلاء المحللين يلاحظ أن المسؤولين السوريين يتوقفون كثيرا عند كلمة "الحل السياسي" .. وربما ما يقصدون ليس الحل السياسي عبر حل مع المعارضة الخارجية –التي سقطت وطنيا ولادور لهت في الأزمة الا دور الكومبارس-  بل عبر حل مع دول "المحور المتآمر" .. ولاتبدو لهجة السياسيين السوريين متحمسة للحسم العسكري حتى وان ذكرها الرجل الهادئ وليد المعلم .. فالحسم السوري تردد بسبب اتصالات ووساطات تريد سحب تركيا من المشروع .. وانسحاب تركيا هو الضربة القاضية للمعارضة ومشروع قطر والسعودية .. والسوري يدرك أن انسحاب تركيا يشبه مايسمى "بقتل الثؤلول الأم" وانقطاع  الشريان المغذي للتمرد  .. وسيسقط  التمرد المسلح بالتالي نفسيا وعسكريا .. وستكون هناك ضربة نفسية خاصة اذا تمت مقايضة أسرى أتراك برأس رياض الأسعد .. حيث يتردد في بعض الأوساط أن هناك أسرى أتراك لم يظهرهم الاعلام السوري تلبية لرغبة تركية ..ويعرض الأتراك المساعدة في اطلاق سراح الايرانيين المخطوفين مقابل الأتراك الضباط (الايرانيون اختطفوا لهذه الغاية) .. لكن السوريين يريدون الى جانب اطلاق الايرانيين رأس رياض الأسعد وبعض الرؤوس الأخرى (؟؟؟).. ليس لأن الأسعد عقل عسكري عملاق وليس لأنه يشكل خطرا عسكريا .. بل لأن الخيانة في العقيدة العسكرية السورية لاتغتفر .. وقد تجرأ الأسعد على ارتكاب الخيانة ..وهذا مالايقبله الجيش السوري وقيادته .. 

القضية محرجة جدا للأتراك وصعبة الاخراج رغم أنها ليست مستحيلة  منذ أن قيل ان حسين الهرموش قد تمت مقايضته .. وقد يكون السيناريو المقترح بتصفية الأسعد وبعض زملائه بافتعال معركة داخلية في الجيش الحر أو نسفه كليا والادعاء أن عملاء المخابرات السورية اغتالوه .. بل ان أحد المعلقين لم يستبعد أن المسلحين المتسللين من تركيا الذين يجدون القوات السورية بانتظارهم وتتربص بهم وتقتلهم  بالعشرات على الحدود التركية يتم التخلص منهم بالتدريج عبر اتفاق بين السوريين والأتراك بتزويد السوريين بكل معلومات تحركهم وقنواتهم ليتم اصطيادهم على الحدود في الشراك السورية.. وبذلك تتخلص تركيا تدريجيا من هذا العبء دون احراج نفسها..
ومايلفت النظر أنه بالرغم من تصريحات أوغلو فلاشك أن العنتريات التركية تراجعت نسبيا ..والسوريون لايعنيهم بقاء جماعة استانبول تمارس نشاطها السياسي وثرثراتها في ضيافة أردوغان الذي يقدم لهم القهوة التركية فهي في النهاية عبء على تركيا طالما انها فشلت في الوصول الى السلطة في سورية وربما لن يطول الوقت حتى تتذمر القيادة التركية من تواجدهم .. بل ان مايعني السوريين هو قطع تركيا لصلتها بالمسلحين ومساعدتها على التخلص منهم بهدوء .. وعدم ايوائهم في معسكراتها ..ومما يشاع الآن أن الحسابات المالية للجيش الحر في تركيا تتعرض لما يشبه الاغلاق والحصار ..
ان انسحاب تركيا الذي يتوقعه البعض هو أمر لامفر منه لمصلحة تركيا قبل كل شيء.. التي في النهاية تريد مصالحها وليس مصالح برهان غليون وبسمة قضماني ..أما انقلاب روسيا فهو محتمل جدا .. ولكن في حالة واحدة فقط .. هي عندما يتراجع شاطئ البحر المتوسط الشرقي الى حدود ايطاليا !!!..
ويعتقد هؤلاء أن العرب (القطريين والسعوديين) يراقبون بقلق تململ تركيا وربما يتناهى الى مسامعهم شيء عن انقلاب تركي ..وهم يريدون الامساك بتركيا واقناعها بالاستمرار قبل أن تنزلق من أيديهم .. فسارعوا لذلك الى دفع القضية السورية الى مجلس الأمن وأوقفوا بسرعة عمل مراقبي الجامعة العربية .. بل وأعلنوا صراحة استعدادهم لتمويل المسلحين وشددوا من أوامر تحريك مجموعات القتلة في المدن السورية لاستفزاز النظام ليقوم بعمل عنيف يفضي الى تدهور الأحداث بشكل ما أو انطلاق حرب أهلية مما يعطي أملا لتركيا بالبقاء مع محور المؤامرة ..
النظام يعتقد انه يهز العصا الغليظة الآن للمسلحين وينظر في نفس الوقت الى تركيا التي ستحدد مصيرهم ..!! وهي بذلك لن تعيد بناء سفنها التي احترقت في دمشق بل على الأقل لن تحرق ما بقي من السفن التي قد يقودها حزب آخر وتركي آخر في رحلة "الغفران" .. ويرى هؤلاء الخبراء أن الأسد جاهز تماما للحسم وبدأ التحرك وهو لايستطيع انتظار المفاجأة الى مالانهاية .. بل ان التلكؤ بالحسم قد يفقده قيمة الانجاز اذا ما تأخر ..الأتراك بدورهم ينتظرون ليقرروا .. واذا ماقرر الأتراك الصفقة فلن يبقى للمسلحين سوى شمال لبنان من ملجأ .. واذا ماتجمعوا هناك  .. كانت نهايتهم... والمنطقة كلها تنتظر الصفقة السورية التركية اذا ماتمت ..حتى مصر صار كثير من جمهورها مقتنعا أن مصير ومستقبل مصر مرتبط بأحداث سوريا ..فسقوط سوريا سيعني ان مصر أقبلت على التفكك مثل سوريا .. واذا نهضت سوريا أنهضت معها مصر وأنقذتها من مصير التفكك..ولذلك لاقت جهود الاسلاميين المصريين في اظهار الدعم والتأييد للثورة السورية في المظاهرات الاحتفالية الأخيرة بعض الفتور من الجمهور المصري المتابع ..

في الحقيقة لاأستطيع تحديد اين تكمن القوة او الضعف في هذه الآراء وفي فرضية انقلاب تركيا .. فهي اجتهادات متابعين وباحثين في الشأن السياسي من وجهة نظر غربية محايدة ..لكن من الملاحظ أن صوت تركيا في بداية الأزمة كان عاليا ومصحوبا بالضجيج فيما كان صوت روسيا هادئا .. ثم حدث تبدل منذ الفيتو الرورسي حيث ارتفع صوت روسيا وخفت صوت تركيا .. مما يجعلني أكثر ميلا للاعتقاد أن مالم يتوقعه الثورجيون هو مفاجأة ليست في انقلاب روسي بل ربما في انقلاب تركي ..هذا الانقلاب الذي انعكس في صوت أحد الثورجيين الذين استمعت اليه وهو في مجلس خاص يكيل السباب المقذع وأبذأ البذاءات بحق تركيا وأردوغان ..
وهنا فانني أطرح سؤالا مشروعا:  
لماذا تفتش روسيا عن مصالحها ولاتفعل تركيا ذلك؟ أي ماالمانع من حدوث هذا الاتجاه لدى أردوغان فينقلب الرجل على المعارضة السورية؟ لاتقولوا لي ان أردوغان رجل لايبيع ولايغير كلمته وأنه قد أمسك "شنباته" عندما تعهد بدعم البلطجيين والمهربين السوريين وسماهم ثوارا..لاتثقوا به كثيرا فمن يطعن بشار الأسد وشعب بشار الأسد بهذه الطريقة الرخيصة سيطعن الثورجيين والاستانبوليين .. وبرهان وبسمة ..وشقفة وطيفور .. وحمد وعرعور ..واللاذقاني وجعارة وعبد النور ..وكل ثورجي وطرطور .. وسيكون موقف الثورجية مضحكا وهم عراة من غير الطربوش والشروال التركي ..
 
انها الكوميديا الالهية التي بدأها حمد وأردوغان والتي قد ينهيها أردوغان نفسه بنسختها العربية الأصلية للمعري أي "برسالة الغفران" .. وستنقلب عندها الكوميديا الالهية برأيي .. الى العناية الالهية ..وصدق من قال ...سورية ..الله ...حاميها ..