الرفاق حائرون.. يتساءلون.. نارام من يكون؟؟

أيها الأصدقاء
لفت نظري ماطرح من توجس بشأن هويتي ..والسؤال عني لم ينهض اليوم بالطبع بل منذ الكتابات الأولى .. وكنت ألاحق بنفس الفضول والسؤال .. حتى أن أحد الأصدقاء بعث لي مقالا بعنوان: من هو نارام سرجون؟ كان مقالا جميلا لكنني اعتذرت عن نشره يومها.. 

أنا كما تعرفون لاأبيع بضاعتي الأدبية .. ولم أطرق باب أحد لأعرض تجارة أومشروعا للربح ولابرنامجا سياسيا .. ولم أقف على عتبة أحد منكم لأروّج لماترسمه ريشتي .. قلت دائما هذا بستان وهو مفتوح لمن أراد .. ولذلك فان من يتوجس من كتاباتي فهو حر أن يقرأها أو لايقرأها ..انه مبدأ الحرية في الايمان الذي تعلمته منذ الصغر (فمن شاء فليؤمن ..ومن شاء فليكفر) .. انها داليتي، والكرمة كرمتي، لكن وطني هو الكرّام ..  
انه بستاني أنا وورودي أنا .. وأنا مجرد بستاني .. والورد بعطره فقط ..ولاأحد يسأل الورد عن سبب اطلاقه العبير والشذا .. والعبق لايفوح من الورود الصناعية مهما بللناها بالعطور .. وكما أن النحلة لاتطوف حول ورد صناعي ولاتتوقف عنده ..فانها لاتغط الا حيث طعم الرحيق في الوردة .. فان تضوعت ورودي بالعطر الوطني وتذوق النحل الحلاوة "السورية" وانتعش وانتشى فهذا لأنه وقف على وردة حقيقية ..  


كتبت كلماتي الأولى في الشأن السوري بانفعال رائع بغير ريب كما يكتب شاعر قصيدة حارّة ليعبر عن حبه لفتاة ساحرة الجمال مرت بقربه على غير انتظار أو التقاها في مناسبة عامة ورحلت دون أن تترك عنوانها .. لكنه سقط في الحب وعشقها ولم ترحل من ذاكرته .. فلاهي تعرفه ولا هو يعرفها .. فقرر أن يقول مايريد في قصائده لكل نساء العالم .. وقصتي مع الكتابة هي قصة هذا الشاعر ..لكن حبيبتي معروفة للجميع ..وأنا أعرفها وأعرف عنوانها ..فاسمها سورية ...وعنوانها هو: قلب الدنيا .. ومناسبة القصيدة هي أنها عثرت أمامي فهببت لمساعدتها وانهاضها .. وقبل ان تتابع سيرها أعطيتها وردة لتعرف أنني أحبها ..     

وبعد ..
لايزال البعض متوجساً .. وبالطبع لايلام أحد في هذا الزمن من التوجس ..انه زمن الخيانات والأقنعة والتسلل والانقلاب والبيع والشراء ...زمن اللاقيم ..انه زمن عزمي بشارة بامتياز ..زمن كن جاسوسا ولاتستح .. زمن صار الطعن في الظهر هو الفلسفة الجديدة للمثقفين الجدد ..والطعنة الجيدة هي التي تفاجئ أكثر وتكون من أقرب المسافات وتدخل القلب أيضا من ظهره لا من وجهه ..

ولكن لنكن أكثر شجاعة وثقة بالنفس ..فنحن لانتبع أشخاصا بل مواقف ووطنية ..ومن حاد عن الطريق فهو ليس منا ولسنا منه حتى لو كان الرئيس نفسه .. وقديما تعلمنا في مدارسنا حديثا يقول: "من غشنا فليس منا" ..أي من السهل اقصاؤه والغاؤه وسحب الوطنية والثقة الجمعية منه دون أن يتغير شيء في "منّا" ..واذا كانت الخشية بأن البعض يريد أن ينزرع في تفاؤلنا ليطعنه فهذا لايبرر الخوف من كل شيء وقلة الثقة بالنفس ..لأن من انقلبوا كانت وجوههم وهوياتهم واضحة ..  
الناس تحب الوطن وتحب كل من يحب الوطن ...والوطن الذي تنهار ثقته بنفسه بسبب انهيار أخلاق البعض وترددهم وضعفهم هو وطن مريض ..الناس تؤمن بسورية لأن سورية هي التي صنعت كل الأبطال والمثقفين والقادة والعظماء فيها لأنها أرضعتهم الشجاعة من ثدييها وأطعمتهم القمح الأسمر من بيادرها ..فكانوا أبطالا بذلك ..  
فلنسر واثقين بأنفسنا ..ولنعط الثقة مشروطة بالموقف الوطني .. ومن غيّر خطه ومزاجه فانه لايغير الوطن ولاايمان الناس بالوطن .. كما أن تلون موقفه وخياناته لاتغيّر نكهة المشي وروعته في حارات الشعلان الدمشقية ولا تغير نكهة اليانسون في عرق السويداء ..ولا من طيبة الوجوه في قرى الساحل ولا من شهامة ابن الشام وهو يستقبلك في بيته ..  

من أنا اذا؟
أنا مواطن سوري مثلكم أعيش في بيت وطني وأحب أن اتناول غدائي في دمشق القديمة وأن أسهر مع اصدقائي في مطاعم "بيت شرقي" ..وأن أخرج في العطلات الى الربوة ومطاعمها ..

أدرك أن هذا زمن الشجاعة .. وأنا لاأتحرك متقنعا بالأقنعة لأنني أخشى شيئا.. فحبي لبلدي لايخشى شيئا ولن أتردد في التضحية في سبيلها ..فهناك جنود وأبطال لايجب أن يكونوا أكثر سخاء وشجاعة منا ..  
وليس من سبب لانتمائي الى هذا الاسم دون سواه سوى أنني مؤمن أننا دخلنا مرحلة وطنية جديدة ..يجب علينا أن نخرج من ثيابنا القديمة وأسمائنا القديمة التي صارت لها تهم جاهزة .. تعبت من الاسم الذي أعطاني اياه أمي وأبي وناداني به أهل حارتي وأصدقائي ..أريد اسما آخر ... وفوق كل ذلك أنا أريد أن أنتمي الى الجميع ..الجميع دون استثناء ..  
وأنا أريد أيضا أن أتمتع بحريتي في التنقل في الأزقة والحارات وأن أتنقل بين كروم الدوالي في السويداء وقرى الساحل وولائم أهل درعا وفي حديقة أبي فراس الحلبية وفي مطاعم دمشق القديمة دون أن يلاحقني الفضول وتقاطعني الأسئلة وتستوقفني النظرات .. ودون أن أعامل بتميز ..الشهرة جميلة بلا ريب واهتمام الناس آسر .. لكن الحرية أجمل بكثير وضياعك بين الناس رائع ..واسألوا "نزار" عن ذلك ..نزار صديقي الذي أتعشى معه دوما في باب شرقي .. في مطعمنا الذي لايتغير  

أخيراً .. أرجو من كل الأصدقاء أن يغفروا لي أنني نارام ولست شيئا آخر ..وأنني (شبكياً) بلا ملامح ..وبلا عنوان .. لكنني لست شبحا .. واذا ظهرت يوما أمامكم فذلك لأنني لم أعد قادرا على الكتابة  .. وهذا ماسيحدث حتما في نهاية الأزمة السورية عندما يتوقف قلبي عن الانفعال .. عندها سأقتحم عليكم احدى السهرات لأودعكم شخصيا ولأشكركم لاستضافة كلماتي في جوارحكم .. فأنا لاأكتب الا منفعلاً ..وفي حالة التأثر والحماس والعشق .. وهذا ماحدث معي يوما .. فمنذ آخر قصة حب في حياتي لم أعرف أن أكتب حرفا بعد جفاف الانفعال وتراجع قلبي عن الخفقان السريع .. وبقيت ريشتي جافة سنوات الى أن بللتها دموع امرأة جميلة جدا أحبها أكثر من أية امرأة في الدنيا .. ففاض دمي بالحب .. وغرقت في طوفان الحبر من قلمي ودموعي.. فكان موقع ومدونة: بقلم: نارام سرجون ..هدية لحبيبتي سورية..

فهل تريد المزيد ياعمار؟؟