انهم يسرقون طيور البجع.. يا أبا الهول السوري

هناك قصة قديمة من قصص الشعوب تتحدث عن خلاف بين البلبل والغراب.. فعندما أراد البلبل أن يغني زجره الغراب وقال له: ان صوتك قبيح كريه مزعج وأن الجميع يريد سماع صوتي أنا.. ولكن البلبل اعترض وقال ان الجميع يشهد أن صوته جميل يستحق أن يسمع.. وبالفعل فقد أيدت الطيور والسناجب والغزلان والظباء ان صوت البلبل من أجمل الأصوات ولايجب أن يتوقف.. لكن الغراب أصر على تحويل القضية الى القاضي الجديد في محكمة الغابة وهيئة المحلفين فيها..
ذهب الجميع الى المحكمة التي كان القاضي فيها هو الخنزير البري أما هيئة المحلفين فكانت مكونة من التماسيح وأبناء آوى والضباع والكركدن والخراتيت والثعابين والضفادع..
في المحكمة غنى البلبل فبدا التململ على القاضي وهيئة المحلفين.. وغنى الغراب فأطرب القاضي ونخر وانتشت هيئة المحلفين ورقصت.. وكان قرار الخنزير البري ومحلفيه بأن أغنية الغراب هي الأجمل وأن صوته بديع وأن الغراب هو مطرب الغابة الأول وأن لحنه يجب أن يغنى.. أما البلبل فعليه أن يصمت لأن صوته حقير رديء نشاز ويجب أن تستأصل حنجرته.. وأن تفقأ عيناه.. وقد بكى البلبل من هذا الظلم لكنه اعترف بأن محكمة يتولاها خنزير بري ومحلفون من التماسيح لن تصدر الا هذه الأحكام..
هذه لم تعد قصة للأطفال بعد اليوم لأننا نرى كل يوم محكمة من هذه المحاكم سواء في الجامعة العربية أو في مجلس الأمن..


بالأمس أصر البعض على سؤالي عن حلقة برنامج الاتجاه المعاكس الاخيرة الذي كما قلت سابقا لاأتابعه لأنه برنامج للمصارعة الحرة .. وكنت دوما أحس بالاهانة عندما أزور شخصا فيكافئني بأن يفتح التلفزيون على الجزيرة وبالذات على برنامج الاتجاه المعاكس لأنني لاأعتقد أن سوية هذا البرنامج تليق الا بالمعجبين بمصارعة الثيران الاسبانية أو الملاكمة أو أفلام الاثارة والجنس .. لأن الغبار المثار بين الثيران المتصارعة يغطي الحقائق ويحجب على العقول ويطلق سراح البهيمية في سلوك الناس ويرفع أدرينالين الجمهور وتحرف ميول الغضب الطبيعي البشري الى ميول جرمية منحرفة .. وأنا لست من الرعاع ولا من الدهماء .. بل أنا أنتمي الى جمهور الباحثين عن المنهج العقلي والحقائق
يعارضني البعض ويعتقد أن الاستماع للاوغاد يحصننا ويجعلنا ندرك كيف يفكر الوغد قبل أن يخدعنا .. لكنني في الحقيقة أرى استضافة وجه وصوت الوغد بحد ذاته انتقاصا للانسانية وسببا من أسباب الانهيار الأخلاقي التدريجي للأمة .. انه مايسمى عملية التطبيع مع الوغد واعتبار سلوكه وخسته وخيانته "وجهة نظر"..
ومع ذلك يبعث لي البعض بمقاطع من الاتجاه المعاكس تشبه الرذيلة لشدة انحطاطها وعريها لاثبات أن لافرق بين افلام البورنوغرافي وهذا النوع من البرامج المريضة التي تبث الوباء النفسي والأخلاقي برعاية فيصل القاسم الذي كان يعتقد أن خلفيته الاجتماعية (من جبل العرب سادة الفرسان والقيم) ستجعله يعلي من قيمة القيم والفروسية بدل نشر الرذيلة والانحطاط ..
ففي المقاطع التي أرسلها لي بعض الأصدقاء من المعركة الأخيرة في الاتجاه المعاكس يظهر رجل مصارع أقرع له صوت عميق رنان قيل ان اسمه صالح المشنوق وبين شخص اسمه شريف شحادة..
غني عن القول ان تلك المقاطع تثبت أن صاحب البرنامج فيصل القاسم لايعنيه تقديم الحقائق ولا الآراء للناس بل اطلاق الغرائز واذكاء المشاعر البهيمية لدى الجمهور وأنه لايعرف شيئا عن العمل الصحفي .. ولوعرض برنامجه في محطة غربية (سويدية مثلا أو اسكندنافية) لاستقال صاحب المحطة واقتيد الى السجن بتهمة اساءة استعمال حرية الرأي ودفع العامة نحو الانحطاط الأخلاقي.. ولذهب الاسكندنافيون في اليوم التالي الى الكنائس للصلاة وطلب الصفح والغفران وهم من ترك التدين .. ولتم تحويل القاسم الى مشفى الامراض العقلية، لأن السماح بهذا الشكل من الصراخ والتحاقد والفحيح المريض الذي يؤذي السلام بين الناس يدل على أن مقدم البرنامج نفسه غير سوي نفسيا وأن معيار نجاحه الوحيد هو اطلاق قوى الشر وقوى الشيطان والتبشير بوصول ابليس وثقافة ابليس وثقافة الكراهية .. هو مدرب سيرك متخصص في استعراض الحيوانات الضارية .. ليس الا ..
ثم لااعتراض على حكمتك يارب وقرارك في أن تصمم "صالح المشنوق" على شكل مصارع أمريكي هائج ورجال العصابات والمافيا وقطاع الطرق والقتلة الذين تصورهم هوليوود يمسكون مسدساتهم ويطلقون النار وهم يضحكون .. شخص ضخم لايدل شكله على أن صاحبه يمكن أن يتعاطى مع نشاط أو عمل فكري خلاق .. فالشاحنات مثلا لاتستطيع نقل الأطفال الى روضاتهم ولانقل العرسان في حفلات الزفاف مهما تزينت بالورود بل تستطيع نقل الخضار أو الرمال أو القمامة ..والمشنوق ان لم يكن شاحنة للبلدية لنقل النفايات فهو لاشبيه له الا سائقو الشاحنات على الطرق الأمريكية .. رأس حليق أقرع وفم كفم التماسيح وصوت كصوت الضباع .. ويأتي سائق الشاحنة الأمريكي هذا ليداوي السوريين الجرحى .. ويقف مع الثورة السورية ..
وقد أرسل لي صديق عزيز مقاطع من هياج المشنوق وهو يرتجف في برنامج الجنس للمهووس بالاثارة فيصل القاسم ..وأقسم صديقي أن ولده الصغير الذي كان في الغرفة صار يبكي ويشير بخوف الى التلفزيون حيث المشنوق بصوته (الضباح) ولم يهدأ الطفل الا بعد أن أخذه والده الى غرفة أخرى .. وأعتقد جازما أن ظهور المشنوق بتلك الحالة الهائجة على أية محطة تلفزيونية محترمة يجب أن يسبقه تحذير بأن المحطة ستعرض برنامجا فيه مشاهد قوية وتنصح أصحاب القلوب الضعيفة بتجنب المشاهد وبابعاد الأطفال الى غرف مجاورة لما تحتويه مادتها الاعلامية القادمة من مشاهد الرعب المنفرة ومن أذية نفسية للطفولة..
ليس لدي أي شك أن من يقف المشنوق بجانبه هو الفئة الباغية وأنه يمثل الثوار السوريين بهمجيتهم ودمويتهم وعنفهم ..لكن ما يلفت النظر في هذا الرجل الدموي أنه قام بعملية سطو مسلح على شعاراتنا ونضالاتنا وانجازاتنا وارتدى ثيابنا وزينا وبزاتنا العسكرية وسطا على دماء شهدائنا وجثامينهم .. وسرق بوقاحة روح محمد الدرة فيما هذا المشنوق ليس الا حارسا من حراس الأرز وحراس صهيون .. بل كان سائق الشاحنة هذا يحاول أن يؤستذ في الحرية والعداء لاسرائيل على الرئيس بشار الأسد وعلى السيد حسن نصر الله الذي شق بطن اسرائيل في وادي الحجير وبنت جبيل ..
ينتمي هذا المشنوق الى مدرسة الأفاقين والجواسيس الذين يكونون ملكيين أكثر من الملك في بلاطه وثوارا أكثر من تشي غيفارا في غابات  بوليفيا وطالبانيين أكثر من الملا عمر في تورا بورا .. ان هذا السطو الذي نفذه المشنوق علنا لايذكرني الا بصور سرقة مضيفات شركة الطيران الاسرائيلية "العال" للزي الفلسطيني الريفي للمرأة الفلسطينية على أنه من التراث والفولكلور الاسرائيلي اليهودي لأنه ليس للاسرائيليين تراث ولاتقاليد سوى اللصوصية والمذابح وديرياسين وقانا ومذابح غزة .. وكما سرق الاسرائيليون قرص الفلافل وقدموه للعالم على أنه طعام من الفولكلور الاسرائيلي اليهودي سرق المشنوق أجمل شعاراتنا ولفقها لنفسه .. وكما تروج برامج السياحة الاسرائيلية لخمور الجولان وللتسلق على جبال اسرائيل في الجولان قام المشنوق بادعاء الملكية الفكرية لما صنعناه بعرقنا ودمنا وأحلامنا طوال 60 عاما وسرق من كتب أطفالنا أناشيد الحرية ونسبها لنفسه .. وكاد هذا السارق يسرق منا صلابة قاسيون وخلفاء بني أمية والجامع الأموي ..ودم الطفل ساري ساعود..
قام المشنوق بعملية جراحية بشعة فقد شق بطن تجربة سورية عملاقة في المقاومة واحتضان الأحرار والصبر على الآلام والمحن وانتزع أمام عيوننا قلب المقاومة بيدين مضرجتين بالدم وزرعه في حوافر الثورة السورية .. واقتلع عيوننا بأصابعه وأظافره القذرة وحشرها في محاجر عيون قراصنة العالم ..لتبدو وجوه وعظام جماجم القراصنة جميلة ..
صار هذا المشنوق يلومنا على ترك الجولان ويقول ان الجيش السوري يحارب في حمص الأبرياء ..فيسرق هذا المشنوق جيشنا أمام عيوننا ويقتل جنودنا مرتين .. مرة باتهامهم بالجبن لأنهم لايحاربون في الجولان بل في المدن السورية ومرة بالانشقاق وكأن الجندي السوري لايعرف الا الانشقاق ..فيما هذاا لجندي هوالذي يمسك بمفصل العالم في سوريا كيلا يتشقق ولا ينشق هذا العالم ..
هذا المشنوق الذي ينتمي الى فريق 14 آذار الذي سقى الشاي للجنود الاسرائيليين فيما السوريون وحليفهم يسقون الاسرائيليين كؤوس الدم في عام 2006، قال ان السوريين سرقوا قضية فلسطين ليذكرني بصورة معبرة أليمة رسمها فنان فلسطيني (ربما كان ناجي العلي- لاأعرف بالضبط) وفيها صورة أفعى تلتف حول جسد بجعة وتمد عنقها الطويل مكان عنق البجعة فيما عنق البجعة متدل بعد موتها والأفعى تطير بأجنحة البجعة وتحلق ..كانت الأفعى هي اسرائيل وأجنحة البجعة هي انجازات الشعب الفلسطيني البطل ..وتراثه وفولكلوره وبرتقاله..
المشنوق وفريق الآذاريين الحريريين يلتف كالأفاعي حول أعناق البطولات السورية والانجازات العظيمة للشعب السوري يطير بأجنحة البجع ويسرق الشعارات التي علمناها للدنيا عن فلسطين والحرية والمقاومة ..
ولكن متى كانت الأفاعي تهزم طيور البجع؟ ومتى كان سائقو الشاحنات يهزمون طيور البجع؟ هل رأت الأفاعي كيف أسقطت طيور البجع الخلافة العثمانية الأردوغانية؟ ..وهل رأت الأفاعي كيف طارت طيور البجع في مناورات الجيش السوري .. هل استمعت الأفاعي وسائقو الشاحنات الى قصف المناورات وطيورالبرق .. ؟؟هل يسمع سائقو شاحنات البلدية والأفاعي الملتفة التي تتدلى على أكتاف حمد والحريري هدير ساحة الأمويين وكيف ينتصب الجندي العربي السوري في ساحات الوطن والذي سنلتقط صورنا التذكارية بجانبه منذ اليوم على أنها صورة مع .. أبي الهول السوري ..