لم أكن قادرا على فهم احدى الفلسطينيات الشابات التي التقيتها منذ سنين في احدى زياراتي للأردن عندما لم تشاركني حماسي وترحيبي بظهور بطل مثل عزمي بشارة ..كنت أكيل له المديح فيما هي تنظر الي بملل ممزوج بغضب. الشابة كانت من فلسطينيي 48 أي ممن يمثلهم عزمي بشارة وممن يعرفونه حق المعرفة..قالت لي عندما سألتها لماذا لاتحسين بالفخر من انتماء هذا الرجل لكم؟ فقٌالت: لأنكم لاتعرفونه !!..هذا رجل أناني جدا فعل كل شيء لمجده الشخصي ووصل الى الكنيست من أجل طموحاته الشخصية ..وفي الداخل الفلسطيني أتحداك أن تجد فلسطينيا واحدا يقر له بفضل أو مدينا له بمعروف لمساعدة قدمها له.. هذا شخص محور حياته "عزمي بشارة" فقط...
ولم اقتنع بما قالت وبدا علي الانزعاج فقالت لي متعجبة: "أنتم السوريون عاطفيون لكل ماهو فلسطيني.. ليتكم رأيتموه في التسعينات في ساحة الطرف الأغر في لندن عندما كان يخاطب الجموع ويقول ان الفلسطينيين في سوريا يعاملون معاملة الكلاب ..وكل الدنيا تعرف أن الفلسطيني في سوريا هو الأكثر حظا من كل اللاجئين لأنه يعطى كل الحقوق المدنية والتعليمية والاقتصادية..وبعد سنوات رأينا عزمي في ضيافة السوريين يكيل المدائح لهم ويستقبل من أعلى المستويات ..هذا رجل متلون ..لاتثقوا به انه أفاق ..اسألونا في فلسطين 48 عنه...هذا رجل رشح نفسه لرئاسة اسرائيل كونه مواطنا اسرائيليا وقصته معروفة وكان يخدعنا ويقول انه يحرج الاسرائيليين بترشحه ويكشفهم...تخيل سنحرج اسرائيل بمرشح رئاسة عربي..مافعله أنه بيّض صفحة اسرائيل وأظهرها ديمقراطية لايتردد عربي في التفكير برئاستها"..
وبالطبع لم نعرف أن فلسطينيي 48 أعرف بعزمي بشارة منا الا مؤخرا عندما كان يبيض صفحة المؤسسة على غرار مافعله لتبييض صفحة اسرائيل في الماضي ..لكن مقابلته الأخيرة على الجزيرة التي روجت لها المعارضة السورية (على أنه رد على فارس شمال افريقيا غسان بن جدو أو غسان الغساني لمن يعرف من هو غسان الغساني) أضافت الكثير عن الرجل ..فالرجل بدا في داخله مليئا برغبة الثأر ولم يعد يحلل أو يبيض بل كان مسكونا بفكرة تسويد صفحة السوريين..كان هادئا ويوحي يأنه لم يفقد ثقته ينفسه ويريد أن يقول قولوا ماشئتم فلن أتوقف...لكن عزمي النمر كان يرتجف في داخله لمن يعرف قراءة لغة الجسد وقد تركته العزيمة..اراد عزمي أن يمثل أنه يفكك النظام في سوريا ويذيبه ببشارات نصر الثوار لكن ماقاله دل على أنه يعرف يقينا أن الثورة تفككت ومابقي منها هو مجرد سلاح شارد مجنون هائم على وجهه ومسلحون ملثمون يلوذون بالحارات المظلمة وبضعة مشايخ يتظللون بيوم الجمعة ويكتبون الكتاتيب ويقودون تغييرالطوائف والامارات الطالبانية
في داخل عزمي كان هناك طفل يمور غيظا ويمارس الكيد لمن يعتقد أنهم أهانوه وأخذوا لعبته ..ويحاول الاحتجاج على أنه في لعبة شرطة حرامية التي لعبها طفلا في فلسطين تم الامساك به من قبل الشرطة وجاؤوا به الى الحبس المعنوي.. وخسر الطفل عزمي اللعبة كحرامي هارب .. وبدا أن الطفل عزمي يريد الايحاء أنه لم يهزم ولم ينكسر فأصر على استفزاز السوريين وتنبأ أن سوريا وصلت الى اللاعودة ..في محاولة مكشوفة للتحدي ..
الطفل داخل عزمي كان غاضبا الى أقصى الحدود من كشف مكانه السري في لعبة الغميضة (الطميمة بالسوري) وهو المكان الذي جعله يكسب اللعبة دائما ..عزمي الطفل اخذوا لعبته المفضلة التي كان يباهي بها أمام أطفال الحي ..عزمي الطفل المدلل عند الجميع لأنه شاطر كشفه الأستاذ السوري على أنه غشاش .. الطفل داخل عزمي هو من يحدثنا الآن وهو من ينظر للسوريين ويقود ثورتهم
وبدت مرارة عزمي كبيرة عندما قال: ان ماقاله أوباما للسوريين هو نفس ماقلته منذ البداية لكنهم لم يرتكسوا لقول اوباما فيما صبوا جام غضبهم علي..
عزمي اذا فقد البوصلة وماحلله كان من باب الكيد والثأر وماتنبأ به لايعدو كونه تنجيم عراف فاشل يريد أن يرضي سادته وأن يقول لهم مايسرهم والا طرد من القصر .. ولم يعد له ملجأ حتى الطريق لأن الطرقات مزدحمة بالمشردين من العراق وفلسطين وليبيا ولبنان والبحرين واليمن والأخ عزمي يريد تشريد السوريين أيضا بنظرياته العبقرية عن الفوضى..
لايريد عزمي أن يتراجع ولاأن يظهر مهزوما ولاأن يعتذر ولاأن يفسر ..وهذا يدل على عناد لاعلى ثقافة ..ويدل على أنه دخل المنافي الأخلاقية اللامتناهية .. ويدل على ان الرجل التوراتي يجد غوليات الآن في بشار الأسد ويجد داوود في نتنياهو
هنا نتذكر ماقالته عنه بنت بلده الفلسطينية فهو متلون أفاق منافق كبير ووقح فنحن لم نبال بما قاله عن رأيه بالسوريين ولابنظام الحكم لاعتقادنا أنه رأيه مهما اختلفنا معه .. لكننا نبالي بالمشهد الذي ظهر فيه صغيرا يبيع ويساوم ويميز بين الثورات ويميز بين وجع السوريين ووجع الاردنيين ويفرق بين طعم العذاب السوري والعذاب الاردني ..وتسمع أذناه استغاثة السوريين وويقرر الاصابة بالصمم عندما يسمع صراخ الاردنيين وباقي العرب ولايسمع الصرخات من بعض القطريين الغاضبين من بناء كنائس الجيش الأمريكي في قطر.. ويميز شارباه الكبيران بين شنبات الحكام في سوريا وفي قطر والاردن والسعودية...نبالي لأنه كسر فينا ثقتنا بالأحرار..كان عزمي معلما وأستاذا وملهما لكثيرين وبطلا فلسطينيا كغوليات الذي سيهزم ديفيد ..انه بالضبط يشبه موقف احدنا عندما يعلّمه شيخ فاضل الأدب والدين والعفة كل يوم وفي يوم يراه ثملا عاريا يهتز منتشيا بين يدي غانية عارية..هذا هو ماصدمنا في عزمي بشارة ..وجدناه عاريا ثملا بين يدي "موزة" على "جزيرة" نائية فيما اعتقدنا انه غوليات الفلسطيني الجديد الذي لايهزم ويحارب الآن نتنياهو وداوود ..
عزمي ربيب الكنيست والكنس اليهودية صار بعد هزيمته يتمثل شمشون ويقول: علي وعلى اعدائي...انه الآن يعرف أن المعبد واقع .. لكنه واقع عليه وعلى الجزيرة وأرض الجزيرة وأميرها وموزها، أما أعداؤه ...فيتوجهون حثيثين من حدود مجدل شمس وبوابة فاطمة الى حيث غوليات وداوود يتصارعان ليصرعوا داوود هذه المرة...