اذا لم ترد أن تشارك في نقاشات الهايد بارك لأن فيها مساحة هائلة للرأي والرأي الآخر وتريد لونا واحدا من الزملاء والكتاب الذين يكتبون عن الحرية وربيع العرب فاليك هذه النصيحة..لكن قبل كل شيء عليك أن تجيب عن بعض الأسئلة!!
هل تريد أن تكتب في صحيفة دولية؟ هل تريد أن تكذب دون أن تسأل ثلث الثلاثة كام؟ ..هل تريد أن تتفلسف وتبالغ وتكتب خيالات واساطير وتطنب الصحيفة لكلامك وتذيله بآراء القراء المكبرة الله لأكبر؟ هل تريد أن تنتقم وتفرغ غريزة الانتقام بخصومك؟ هل تريد أن تفجر طائفيتك واحتقانك باسم الحرية والديمقراطية؟ هل أنت كاتب مغمور تبحث عن الشهرة؟
اذا كنت تريد كل ماذكرت فما عليك الا أن ترسل بمقالك الى السيد عبد الباري عطوان وجريدة أورشليم.. وتهاجم نظام الحكم في سوريا ..واذا أردت ستستقبلك الجزيرة نت على صفحاتها وتفرش لك المطارف والحشايا وستطلق عليك الألقاب المبجلة وأرفعها "مفكر عربي".
في كل يوم تقدم لنا صحيفة أورشليم (المغطاة باسم معرب هو القدس العربي) أسماء جديدة ومواهب فذة في الكتابة ولكن لن تجد اسم هؤلاء الكتاب في أي مكان مرموق..وكذلك لن تجد محتويات المقال مستندة الى أي نوع من الوثائق والمستندات ولا يوجد فيها الا انطباعات شخصية وهذيانات وشهادات لاتعرف على الاطلاق مدى صدقيتها..
أورشليم عطوان والجزيرة نت تفرخ كتاكيت الكتاب وتسميهم كتابا ومفكرين وفلاسفة ..ان هذه المؤسسات الاعلامية صارت أشبه بحواضن التفقيس الصناعي وتعجز تكنولوجيا الهندسة الوراثية عن استنساخ تفاهة وفراغ أخلاقي كالذي تقدمه لنا أورشليم من لقطاء الكتاب الذين لاصفة لهم سوى "كتاب حرية"
أما اذا كنت الشيخ محمد عبده نفسه أو جمال الدين الأفغاني وحتى الشيخ ابن تيمية أو أحمد بن حنبل لا بل اذا كنت أحد الخلفاء الراشدين فلن تتمكن من نشر انتقاد واحد للقرضاوي ولااحتجاجا على فتوى ومالو ..فالرجل يبدو أنه رقي الى مرتبة الولي الفقيه المعصوم السني بالنسبة لحمد وموزة وعطوان.. أما غسان بن جدو فقد سلطت عليه أسماء لانعرف عنها الاأنها من قاع المجتمع ثرثرت وأزبدت وهاجمت وتفتفت حتى الثمالة..
بالأمس قرأت صحيفة أورشليم لعطوان (من باب اعرف كيف تفكر اسرائيل بلسان عربي) واذ بي أتعثر بمقالة بعنوان (الأحداث في سورية حركة تاريخية لايمكن ايقافها) ونظرت لاسم الكاتب فوجدت أنه جديد وبجانبه صورة فتاة اسمها خولة دنيا واعتقدت أنني سأجد تحليلا وقراءة تاريخية وفيها مصادر ووثائق ولأنني من عشاق التاريخ سارعت للاطلاع على المقال لكن وجدت تحليلا طائفيا ليس فيه رائحة التاريخ ولالونه ولاحتى أحد من جيران التاريخ وما كان موجودا هو فقط فحيح الطوائف على الطوائف وتهييج وادعاءات لانعرف ان كانت صحيحة وتردد اسم العلويين والسنة والمسيحيين كما في أخبار تلفزيون سمير جعجع.. وطبعا بنفس الطريقة..كانت خيبة أمل أن لايكون هناك مقاربة تاريخية بل عقد عنف وثقافة عنيفة وخواء عقلي مؤسف..
بالطبع القضية معروفة فكل من يريد أن يكتب الآن ضد النظام السوري فلا يحتاج شهادة تعريف ولاسيرة ذاتية لدى الصحف ولاحتى شهادة حسن سلوك ولا شهادة مختار..اكتب ضد السوريين وكلما أمعنت في الكذب الصفيق فأنت ترقى الى مرتبة الأحرار والثوار..
الأحداث السورية لم تكشف عثرات النظام كما يعتقد البعض لكنها كشفت كم مخزوننا الأخلاقي رديء وكم مخزوننا الفكري مليء بالطفيليات وكم هذا المستنقع الثقافي مليء بالتماسيح والديدان والطحالب..
احدى الطحالب التي تنشط هذه الأيام اسم رزان زيتونة التي تستند الى مؤسسات حقوق الانسان وماأدراك ماحقوق الانسان التي كنت أقدسها الى أن التقيت يوما عندما درست في فرنسا (بلاد نشوء حقوق الانسان) بمجموعة فرنسية تنشط في حقوق الانسان عرفني عليها جار لي في شارع سان جرمان في باريس حيث سكنت..
كنت مبهورا باجتماعاتهم التي اصطحبوني اليها وقررت الانضمام لنشاط المجموعة التي رحبت بي خاصة أنني سوري . وقد قررت أن أزف الخبر الى جاري الذي يعمل في احدى الشركات العالمية لكنني فوجئت برده عندما قلت له انني قررت الانضمام لنشاط مجموعتكم اذ قال لي بأنه ليس عضوا في تلك المجموعة!!..فاستغربت ..لكنه قال لي انه صديق للمجموعة لكنه اعتزل النشاط الحقوقي عندما أدرك أن هذه المجموعات تعتقد أنها مستقلة فيما أن الحقيقة أن هناك ايد خفية توجه النشاط أو تركز على قضية دون أخرى حسب اتجاه الرياح..السياسية..ومعظم العاملين فيها مخلصون لكنهم أدوات لاتعرف أنها أدوات..
فوجئت بالتفسير وكانت نصيحته لي ..كن قريبا من هذه المجموعات لكن ستجد أن حقوق الانسان لاتزال بحاجة الى مؤسسة أكثر استقلالا وتهيأ لأن تكتشف مالايسرك بالرغم من أن لها بعض الانجازات التي لاتقاس بما تحمله من خيبات أمل..
رزان زيتونة التي تملأ الدنيا صراخا على حقوق الانسان في سوريا بعثت برسالة الى أحرار لبنان باسم أحرار سوريا..ولم أعرف اي احرار في لبنان كانت تعني ..أحرار سمير جعجع وعصابات القتل والاغتيال التي دربها وأشرف عليها أم أحرار وليد جنبلاط وما"حرروه من المسيحيين في الجبل" أم أحرار الحريري الذين يبيعهم ويشتريهم للسعودية ومشاريعها بالمال أم أحرار الكتائب الذين حرروا آلاف الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا في ليلة واحدة مع شارون ..؟
رزان زيتونة تعرف كل أحرار العالم من أحرار السي ان ان الى أحرار المحافظين الجدد الى أحرار درعا وبانياس وحمص لكنها لاتعرف شيئا عن أحرار سوريين وطنيين لايعرفون الأحرار الذين تعرفهم رزان وهم بياقات بيضاء في الأمم المتحدة ونيويورك..أحرار سوريا ابطال مجهولون يبيعون على البسطات بالملاميم قطع الحلوى الرخيصة والفول المسوس وربطات الفجل ويملؤون المزارع بالليمون والبرتقال والزيتون ولايعرفون ديباجات الحرية والديمقراطية التي تتمنطق بها رزان زيتونة لأنهم تذوقوا طعم حرية سوريا كما تذوقوا حرية المحافظين الجدد ..وانحازوا بكل بساطة الى سوريا الحرة المستقلة عن سلطة دول الثماني والناتو والصندوق الدولي ومجلس التعاون الخليجي وسلطة الشيوخ والشيخات في الخليج وسلطات ولاة الأمر السعوديين وسلطة المال الحريري..
ولأننا ننتمي الى هؤلاء البسطاء فسنقول بالفم الملآن ..لانريد هذه الحرية ولاهذه الطائفية وسندافع عن استقرار سوريا ولو في وجهنا وقفت دهاة الانس والجان ..ولو تعثرت أقدامنا بألف حمد وكل موزات الدنيا ..ولو صارت قطر القارة السابعة أو جزءا من يهوذا والسامرة ولو عاد بني قينقاع الى مكة عبر بندر بن سلطان.. ولو دافع عنها فيلق من القرضاويين وجيش من الوحدات الخاصة مثل عزمي بشارة ..ولو ظهرت لنا الشياطين من فم عبد الباري عطوان ومن عيونه .. وأسته...(راجع القاموس المحيط ان لم تعرف معنى است)