رسالة المالح لوليد المعلم ضعف على ضعف وتسلل لتسجيل هدف

وجه هيثم المالح رسالة انتقاد واعتراض لما أدلى به وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووصفت مواقع المعارضة السورية رسالته بأنها سجلت أهدافا كثيرة في مرمى الحكومة السورية وكادت هذه المواقع تقول انها أهداف برازيلية الأداء وكادت تطلق على المالح زيكو أو مارادونا  ..
لكني وعندما عدت الى محتويات المقال وجدت أن المالح "الهداف المعارض" كان يحاول التسجيل عن طريق التسلل وقد أخفق في كل محاولاته وكان على الحكم طرده أو انذاره على الأقل بسبب هذه التجاوزات في اللعب.

قبل كل شيء المالح رجل كبير السن ولانملك الا أن نحترم عمره ولكن هذا لايعني أن نربت على كتفه ونكيل له المدائح لكل شيء يتفوه به..فالرجل قال رأيه ولكن ماقاله فيه ادانة للمجتمع السوري ككل وليس موجها للسلطة وحدها ..فالمالح أعاد سرد التاريخ منذ الاستقلال وفي استعراضه يظهر جليا أن عمليات قتل الديمقراطية بدأت مع أول انقلاب رتبه حستي الزعيم بدعم أمريكي لتوقيع اتفاقية التابلاين وتلي هذا الاتقلاب بعدة انقلابات لم تغب عنها المخابرات الغربية باعتراف المالح نفسه..وهذا اعتراف من المالح أن المخابرات الغربية تتدخل عبر مساندة الانقلابات والتغييرات  لخدمة مصالحها..أما لماذا يستبعد المالح هذا الاحتمال في التحركات الاحتجاجية الأخيرة ويلزم جانب الصمت والشرود واللاانتباه فهذا قد يكون مرده الى ضعف في الحجة وحيرة في الانكار لاتليق بمحام يريد تغيير وجه المنطقة كلها بقوة المنطق ..
في استعراضه التاريخي لسورية بعد الاستقلال عرج المالح الى عام 1964 وذكّرنا أنه عندما تمردت مدينة حماة قام محافظها "عبد الحليم خدام" ورئيس الدولة آنذاك أمين الحافظ بدكها واقتحامها بالعنف وذكر المالح أن قطعة من قطعات الجيش زحفت عليها ودمرت جامع السلطان ومنارته. وهنا يبدو ان المالح نسي ان عبد الحليم خدام الذي كان محافظا هو نفسه الذي يشرف على مايسمى "الثورة السورية الحالية" مع لفيف من المعارضين السوريين..أي أن مدمر المدن السورية عام 1964 صار ثائرا يريد انقاذ المدن السورية من بربرية النظام الحالي..وهنا يقطب القارئ حاجبيه لمعرفة مقاصد المالح وربما لايجانبه الصواب اذا مأيقن ان سن المالح جعله يخلط الأشياء فوقع في المحظور وهو تذكير الناس بشراسة خدام وحرقه للمدن وهذا بالطبع اضعاف شديد لزخم الثوار الذي ن وجدوا أنفسهم عند قراءة مقال المالح أنهم بقيادة خدام قاتل حماة نفسه..
وفي ذكره لعام 1965 ذكر المالح أن سليم حاطوم اقتحم المسجد الأموي بالآليات وسانده بقوة الرئيس أمين الحافظ ..أي أن مايفهم هنا أن عمليات قمع المدنيين ليست حكرا على الحكم العلوي كما تروج المعارضة حاليا بأن قمع الاحتجاجات أشرفت عليه فرقة ماهر الأسد وأن الضياط العلويين مستعينين بحزب الله والحرس الثوري قد قمعوا ثورة الحرية بوحشية..فالتاريخ العنيف الذي ذكره المالح يدل على أن القيادات السورية السنية (خدام والرئيس أمين الحافظ) لم يترددوا في استخدام القوة المفرطة لحماية نظامهم وأن التنويه المباشر وغير المباشر من قبل المعارضة أو "القرضاوي (صاحب فتوى: ومالو) الى علوية الحكم السوري لم يعد لها معنى بشهادة المالح نفسه وأنها استخدمت بسوء نية لاثارة الغرائز الطائفية لدى الجميع وخاصة جمهور السنة..
وعاد المالح لتذكيرنا بسقوط الجولان في عهد وزير الدفاع حافظ الأسد وهنا لم اجد جديدا ..لكن ماهو موثق هو أن الرئيس حافظ الأسد اعترف في خطابات كثيرة أننا كسوريين لم نتهيأ جيدا للمعركة وأن الرهان على القوات المصرية ساهم في ترهل الاعداد وكان تصريحه اعترافا بالتقصير وبمسؤولية الجميع ولم يتهرب من تحمل المسؤولية ومافعله بعد ذلك أنه حاول مخلصا متعلما من درس الهزيمة التي شرب من كأسها الجميع وحاول بعدها استرداد الجولان في حرب 1973وكاد ينجح لولا مفاجأة أنور السادات بالتوقف عن القتال.. ومنذ ذلك الوقت لم يجد له مساند لاكمال مشروع التحرير..
يستنكر المالح من المعلم أن يعتبر أن المحتجين قلة في الشارع وكأن المالح لديه احصاءات مليونية عن عدد المحتجين والرد هنا لايستحق اكثر من أن يحال الى ماقالته عرب تايمز منذ ايام من أن المعارضة السورية فشلت في زج مليون متظاهر في أي مكان من سوريا وكان عدد المتظاهرين محدودا جدا بالقياس لمتظاهري مصر واليمن ..وسمتها عرب تايمز "مظاهرات تيك أويه" لغايات التصوير والفبركة..
واعتماد المالح على بكائيات المعارضة من أن الشبيحة والجيش يقتلون المتظاهرين وهذا هو سبب قلة المتظاهرين رغو خروجهم في عدة مدن سورية لم يكن مقنعا ...فالثورة التي تؤمن بأهدافها وترى أنها تخضع لقيادة نبيلة نقية محترمة لن تبخل بالجماهير..ويبقى السؤال لماذا لم تخرج المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وقد استماتت المعارضة لحقن شوارعهما ولو ببضع مئات؟
ومثال الثورة الايرانية وقيادتها لايزال طازجا فعندما هدد الشاه باستعمال الجيش شديد الولاء للشاهنشاهية وتعداده 700 ألف مقاتل وهو من أفضل جيوش العالم، وقام بارتكاب مذبحة طهران الشهيرة وقتل فيها الجيش 4000 متظاهر في الطرقات في يوم واحد، رد الخميني لدعوة الجميع للنزول للشارع (والخميني عاش في منفاه النجفي- باستثناء 3 أشهر الأخيرة في ضواحي باريس-  قريبا من أنصاره ودفع ثمن موقفه في اغتيال ولده مصطفى وليس في قصور باريس وبيروت والرياض) ولذلك لبى الايرانيون نداء الثورة وقيادتها الموثوقة وانطلق 30 مليون متظاهر في مختلف شوارع ايران في نفس اليوم..وأعتقد ان الشعب السوري لايقل بطولة وتضحية عن الشعب الايراني لكن المعارضة السورية لم تتمكن من نيل ثقة الشارع ولااحترامه لتخبطها وعدم نظافة شخصياتها ولأن للشارع ضميرا ووعيا وحدسا يدله على أن الرئيس بشار الأسد أكثر نظافة وأكثر ثقة من هذه المعارضة التي كذبت عليه بالصور والفيديو وولت شخصا مثل حمد وزوجته موزة قدر السوريين ومصيرهم ..ورجل الشارع يدرك أن المعارضين المقيمين في الغرب أو الذين يستضيفهم الحريري وبندر لايمكن أن تكون معارضة مستقلة وأنها ستقدم أثمانا وطنية لاقبل للسوريين بها..
يرفض المالح أن المحتجين يراهنون على الغرب وعلى العكس يعتقد أن سلطة الحكم السوري انضمت لجهود الغرب وشاركت في حرب تحرير الكويت ضد صدام حسين. وهنا يستخدم المالح مثالا رديئا لأن الجميع يعرف أن المشاركة السورية كانت رمزية للغاية ولم تشارك الوحدة السورية بالقتال وأن وجودها لم يغير في المعادلة العسكرية في غياب الرادع السوفييتي وأن تلك المشاركة كانت شبه مفروضة خاصة أن صدام للأسف رفض يومها تعهدا من حافظ الأسد بالقتال الى جانبه اذا ماانسحب وتعرض للاعتداء..
المالح يبرر اللجوء لمنظمات حقوق الانسان وهو العارف ان هذه المنظمات هي الشكل العصري لفكرة الانتداب فكيف لاتؤثر حقوق الانسان ولجانها في الشأن الفلسطيني مهما تباكت لكن صوتها مسموع في كل الأرض ويصل فورا الى قاعات مجلس الأمن حتى لو همس همسا بشأن العرب وسموريا تحديدا..
المالح كان ينحت في الصخر للاتيان بدلائل تقوي حجة المعارضين لكن رسالته للمعلم كانت باهتة ضعيفة وسردا مملا في التاريخ والأكثر اضحاكا أنها ادانت بعضا من قادة المعارضة مثل خدام وادانة البعض يعني أن الجميع متحالف مع قاتل ومجرم حرب وهذا عار على الثوار
أيها المالح لاتنه عمرك بالافك..وأفق..وحافظ على مابقي فيك بموقف يبتعد عن الشخصية والاندفاع ذي الطابع الثأري غير عابئ بما يفعل ..كتابتك ورسالتك الأخيرة للمعلم تدل على أن العمر والأيام قد أثرا على أدائك وتركيزك وقدرتك على التفكير الممنهج والمنطقي..فالرجاء أخذ عمر المالح بعين الاعتبار وعدم استخدامه واستدراجه وهو على هذا الضعف الذهني نحو نقاشات بدا فيها عقله مشتتا يتناقض ونحن لانريد الاساءة اليه بالكلام في هذا العمر ولكننا نتمنى من عائلته واصدقائه النأي به بعيدا احتراما لعمره ورأفة باسمه وقدراته الذهنية المتداعية ..ونسأل الله أن يساعدنا لمساعدته في اتخاذ قرار بالاستراحة بعد هذه المعركة الشاقة التي أخرج فيها من داره ولقن بأخبار التلفيق كي يقول مالايقوله عاقل يحب سوريا..