قبلة يهوذا.. وقبلة أردوغان.. وقبلة صبحي.. يالجحيم القبل

في قراءة قصص الكتاب المقدس عبر كثيرة ودروس ومواعظ كما في قصصنا القرآني ..من القصص البليغة الانجيلية قصة يهوذا الاسخريوطي الذي غدر بأستاذه ومعلمه السيد المسيح وخانه، وتآمر مع كهنة اليهود لتسليمه مقابل  "30 قطعة فضية" ودل عليه الجنود الرومان ليعتقلوه ويقودوه الى الصلب..
عندما اقتحم الجنود الرومان البستان الذي لجأ اليه المسيح وتلامذته تصدى لهم التلامذة وتسابقوا للدفاع عن معلمهم لفدائه فادعى كل واحد منهم أنه هو المسيح المطلوب .. لكن يهوذا كان اتفق مع الجنود على أن من سيقبّله يهوذا هو الرجل المطلوب أي السيد المسيح....وبالفعل اقترب يهوذا من السيد المسيح و"قبّله" كما لو كان يعبر عن حبه له بلا مبرر في تلك اللحظة القاسية أمام الجنود فعرفوا على الفور أن من يجدّون في أثره وقع الآن بعد أن دل عليه الخائن، وقال له السيد المسيح على الفور كلمته الشهيرة: يا يهوذا، أَبِقبلةٍ تُسَلِّمُ ابن الإنسانِ؟. وسمي منذ ذلك الوقت "يهوذا المسلّم" (أي الذي سلّم المسيح لأعدائه).......قبلة يهوذا هي الأشهر في التاريخ البشري كله لأنها القبلة القاتلة..وقبلة الخيانة..
ماذا سيقول التاريخ بعد اليوم عن ’قبل الخيانة بعد أن ظهرت ’قبلة أردوغان..وقبلة حمد ..وقبلة موزة..وقبلة عزمي بشارة ..وقبلة سعدو الحريري.. وقبلة عبد الباري عطوان .. وقبلة أوباما ..وأخيرا قبلة السفير الأميريكي لأهل حماة ولثورات العرب ...

أردوغان قبّلنا جميعا قبلة في دافوس وقبلة على شواطئ غزة ..والآن عرفنا أنها كانت قبلة الكذب وقبلة الخيانة .. وقبلته أرادنا أن نفهمها على أنها تدل على محبته لنا، فاذا بها ليدل علينا الخراب ولنصلب سوريا على الفتنة..وظهر جنوده الرومان في جسر الشغور ليقودوننا الى الصلب..التاريخ سيسجل أحط خدعة وأحط خيانة باسم أردوغان وكما قيل في الأمثال (أحمق من جحا) فسيقول التاريخ (أخون من أردوغان) و (أخدع من أردوغان) و(أكذب من أردوغان)...
وحمد وموزة قبّلانا قبلة طويلة طويلة بشفاه الجزيرة وامتدحا المقاومة وسوريا الممانعة ..لكن كل ذلك كان قبلة خيانة، فبعد العشاء الأخير في واشنطن بين أوباما وبرميله حمد تبين لنا الخداع وقبلة الخيانة التي دلت علينا الفتن والاقتتال..
وقبلة عزمي كان لها مذاق خاص ..قبّلنا عزمي قبلة فلسطينية معتقة فيها نكهة من كنيسة المهد والقيامة .. وفلسطين هي حبيبتنا ..فاذا بعزمي حاخام لئيم يدل على دمنا ويسلمه للفتنة.. ويستحق عزمي مكانة يهوذا بيننا وثمنه لايقل عن ثلاثين قطعة فضية.
وسعدو الحريري جاء الى دمشق واعتذر وتمسح بنا وعبر عن الألم وأبدى الندم.. فاذا به كان يقبلنا قبلة يهوذا واليوم يطل علينا جنوده من تلكلخ وحمص ووادي خالد ... قبلة كانت كلها بارودأ وفتن، وهاهوذا يسلم السوريين والمقاومين الى كهنة المحكمة الدولية "اليهود" ..ويبيع دم أبيه "بثلاثين قطعة فضية" ..
وعبد الباري عطوان شاركنا المقاومة والمدائح والغناء للأبطال حتى أسكرنا ثم تسلل من بيننا وأخذ  "30 قطعة فضية" وقبلنا جميعا قبلته الشهيرة بالانقلاب على المقاومة وعمودها الفقري ..ومن يقرأ عناوين صحيفته (أورشليم) يبحث عن فلسطين فيراها لاجئة كاليتيمة بين أخبار الثورة السورية وانتصارات الثوار الليبيين وملايين المتظاهرين السوريين و"تحرير" حماة.. فلسطين هي الزائر الفقير وهي ضيف الشرف في مسلسلات صحيفة عطوان التي باتت تذكرها رفعا للعتب وللمجاملات وضرورة الديكور (الفلسطيني) حتى أن اعتراف اليونيسكو بالقدس عاصمة لاسرائيل لم يشغل عطوان كثيرا عن حملته على سوريا بل كان يشي ويروج بالعناوين الرئيسية أكاذيب عن مساعدة ايران للنظام السوري بستة مليارات دولار لأن عطوان يعتقد أن النظام السوري منهك.. قبلة عطوان هي مثال على يهوذا الاسخريوطي  (بطبعة فلسطينية للأسف)  
أما قبلة السفير الأمريكي للشعب السوري في حماة فهي القبلة التي تستحق بجدارة لقب "قبلة القبل" الاسخريوطية..السفير الاميريكي يقبل الشعب السوري؟؟؟؟؟!!!!!!! ..كما قبّل قبله الشعب العراقي وكما يقبّل يوميا الشعب الفلسطيني ..وكما قبّل الشعب اللبناني وكما يقبّل الليبيين.. قبلة السفير للحمويين وتظاهراتهم هي قبلة لتسليم البلاد للفوضى والفتنة ..وللأسف هلل الحمويون للقبلة ..وبادلوه التقبيل..ولكن التاريخ سيذكر هذه القبلة على أنها قبلة يهوذا ليهوذا..واللبيب من الاشارة يفهم..
أما من تألق في تقبيلنا فهو الكاتب اليساري صبحي الحديدي الذي وكأنما أراد بعد انتقاداتنا الكثيرة أن يوازن في موقفه فابتعد عن الخاصرة الرخوة للثورة السورية وهي العرعور ومجموعات فرق الموت الطائفية التي لم يتجرأ على مجرد معاتبتها ..ولجأ الى التأفف المزور من زيارة السفير الأمريكي، واستعمل الحادثة كما لو كانت فرشاة أسنان لتنظيف رأيه وأسنانه ولسانه ومقالاته ..السفير الأمريكي هدف معقول لايلام فيه صبحي ويستطيع من خلاله اعادة انتاج ثورياته وعنترياته اليسارية المتآكلة التي اتسخت بالنفاق وازدواجية المعايير وصارت أشبه كثيرا في تعاطيها مع الشأن السوري بطريقة عشاق اسرائيل من الكتاب الاوروبيين الصهاينة والمحافظين الجدد الذين كان حديدي يسترسل في التعبير عن ذهوله من وقاحتهم في انكار الحقائق وتبرير الغطرسة الاسرائيلية ومنطق الكاوبوي ويكثر من احتقاره لضمائرهم التي دنست ضمير العالم بكذبها وتجاهلها لنصف الحقيقة الآخر ومقالاتها الاعتذارية لعنف اسرائيل..ومن يقرأ مقالاته هذه الأيام يحس أنه تأثر باسلوب الكتاب الصهاينة الذين كان يشنّع عليهم رياءهم ويزدري احتفالهم بالقتلة والمجرمين الاسرائيليين كما لو كانوا أبطالا..
وقد تخبط صبحي كثيرا في قراءته لزيارة السفير ل(حماته)، فكتب مقالا متعثرا ركيكا متطاير الأفكار بعنوان (زيارة السفير الأمريكي الى حماة ..انحناءة الممثلين العراة) وتخبط صبحي كثيرا..نعم تخبط كثيرا ..وأحسسنا بمدى الشقاء الذي عاناه في صناعة ذلك المقال المشوه على غير عادته وتملكنا شعور بالاشفاق عليه من ذلك الجهد الخرافي الذي صبه في مقال يعاني من فقر الدم ومن تشوهات خلقية لاتسمح للقارئ الواعي الا أن يستعيذ بالشيطان الرجيم من ذلك السرد الميثولوجي المريض.
راوغ صبحي وبرر وكان في كل جملة يحيلنا الى الجملة التي تليها مترددا في قول شيء ما ..وأخذنا الى ترهات متعثرة من مثل الانسجام والاتفاق بين النظام والأمريكيين على تلويث سمعة الثوار كما هو الحال على الدوام برأيه..الى أن استجمع كل شجاعته وقال في آخر الفقرات مايستحق أن يعادل اكتشاف نظرية النسبية لاينشتاين فقال (لاحظوا العبقرية): (لا يد لأهل حماة في زيارة السفير الى مدينتهم ولذلك لاسلطة لهم عليه ولاقدرة لهم على طرده !!!!!!!!!!!!!)..هل قرأتم في مقالات الموالين لاسرائيل تبريرية أكثر من هذا القول؟ انه بالضبط كقول الجيش الاسرائيلي ان المدنيين العرب يموتون كثيرا في الحروب الاسرائيلية لأن المقاتلين العرب يستعملونهم كدروع بشرية ولايد للجيش الاسرائيلي في مقتلهم  
لايد لأهل حماة في دعوة السفير لأنه دعا نفسه كما قال حديدي ..أما كيف لم يوقفه المسلحون والحواجز التي تنتظر الجيش والأمن على أحر من الجمر لاعلان الجهاد المقدس وعدم دخولهم الا على جثث "الثوار" فلم يعره حديدي اهتماما ...
وأما لماذا عندما رأى الحمويون السفير لم يتظاهروا ضده - كما يفترض- بل استقبلوه بالورود استقبال الفاتحين ..فهذه أيضا غير ذات بال ولم يكلف اليساري الثائر صبحي حديدي عناء البحث بها وترك المهمة للأشقياء ..بل وكي ينزع الشك الذي يتفجر فينا اثر هذا التسويغ التوراتي يلجأ حديدي الى هذه العبارة الاستباقية: ولكن هل توجّب على الشارع الشعبي الحموي أن يستقبل موكب السفير بالورد وأغصان الزيتون؟ كلا، بدون تأتأة أو التماس عذر، لأنّ رموز المحبة والسلام هي آخر ما يمكن أن يُقابل به سفير الولايات المتحدة، دولة العدوان والاحتلال والتدخل العسكري، صديقة الطغاة وحليفة الطغيان، الساكتة طويلاً عن جرائم هذا النظام تحديداً، في هذه المدينة بالذات.
بعد هذا الكلام الذي لايساوي الا "30 قطعة من الفضة" لاشيء يقال الا أنه قبلة اسخريوطية حديدية بدون تأتأة أو التماس عذر ياصديقي..اليساري الثائر..
وطالما أن الشعب السوري في بستان المقاومة الكبير يحاصره الأوغاد الذين قبض كل منهم  (ثلاثينه الفضية) من يهوذا التركي الى يهوذا القطري الى يهوذا السعودي ويهوذا الفلسطيني ويهوذا الثوار اليساريين...فلا تتوقعوا أن تنتهي الحكاية هنا كما انتهت الرواية الانجيلية..
بالطبع الفارق بين يهوذاتنا وبين يهوذا الاسخريوطي هو أن بعض الأناجيل تتحدث عن ندم الأخير وشقائه بعد صلب المسيح فرمى قطع الفضة في الهيكل وخرج ليشنق نفسه..أما يهوذاتنا فسيتمسكون بقطع الفضة كما يتمسك شايلوك برطل اللحم البشري في العقد (في تاجر البندقية) ولن يستيقظ ندمهم ..لكن هناك رواية أكثر عدالة يرويها لنا القرآن الكريم فنعرف أن يهوذا الاسخريوطي هو الذي صلب بعد أن "شبّه لهم".. وهذا ماتشي به الأيام وتهمس..السحر سينقلب على الساحر قريبا جدا .. وسنخاطبهم عندها كما خاطب معلم يهوذا الناس وهو السيد المسيح عندما قال: من كان عنده سراج، فليعلقه على أعلى منارة..
وهل هناك أعظم من سوريا سراجا ؟؟؟!! سوريا هي سراجنا ..وسنعلقها فوق أعلى منارة ...  رغم أنف كل يهوذات الدنيا... وهؤلاء المجرمون مشايخ الفتنة أيضا سنعلقهم في أعلى منارة ..ولكن .............. من أعناقهم...
وهذه المظاهرات ياأصدقاء يهوذا مظاهرات شغب وغوغاء وطوائف وهي مظاهرات ليست للحرية بل مظاهرات تحركها في الخفاء "قطع الفضة" التي حاولت ايقاف ثورة المسيح على كهنة اليهود يوما.. فالأحرار لايقادون بالطائفية ولابالسفراء الغربيين ولابفتاوى قرضاوية ولاعرعورية...ولاتصنع الثورات الحرة محطات فضائية من بلدان القرون الوسطى وقصور الأمراء ولاتصنع الثورات بشهود عيان وشهود الزور..ولاتصنع بأشباه الرجال...والزمن سجال يارجال..