الحرب الأهلية السورية.. وقصة الغزل بين أنجلينا جولي والشيخ العبيكان

من قال ان العبارات هي مجرد كلمات نرصفها كما نشاء وبالترتيب الذي نشاء، وأن لارأي لهذه الكلمات في كلمات تجاورها وتصطف معها؟ ومن قال ان الكلمات  لاروح لها ولامشاعر؟ ومن قال أنها تقبل الذل ومعاهدات السلام التي نفرضها عليها مع كلمات لاتحب السلام معها؟.. بل من قال أن الكلمات تقبل التفريق أوالتشتيت وعيشة اللاجئين بعيدة عن كلمات أخرى.. تحبها؟
فهناك كلمات لاتتفارق وتبقى مخلصة لبعضها.. في عبارة واحدة لاتقبل التقسيم والتشظي.. ولكن هناك كلمات لاتلتقي في عبارات الا على جثث بعضها.. كما الجبال لاتلتقي.. احدى هذه العبارات هي هذه الثلاثية (الحرب.. الأهلية.. السورية) التي سمعت بها وأحسست أنها كلمات يصدر اجتماعها لحناً نشازاً كمن يسمع الى معزوفة فيها ربابة بدوية بسيطة.. وبيانو أوروبي.. وطبل أدغال افريقي.. ولكم أن تتخيلوا الانسجام بين هذه الأدوات الموسيقية وأي نوع من الأنغام المتساوقة والمتناسقة يمكن أن تسمعها الأذن البشرية من هذه الأدوات الموسيقية المتنافرة ..حرب (ربابة بدوية).. وأهلية (طبل افريقي) وسورية (بيانو أوروبي)؟؟؟.. ياالله.. ماهذا الضجيج !!


هذه السيمفونية الجديدة كان المايسترو لها السيدة هيلاري كلينتون.. وهذا المصطلح المولود حديثا كانت قابلته أصابع السيدة هيلاري كلينتون وردد جميع مرضعيه في جوقتها في تركيا والمجلس الوطني والجامعة العربية نشيد "المجد للحرب الأهلية السورية" ..كما ردده الأوروبيون باحتفالية تشبه احتفالياتهم بعيد الميلاد ..
لقد أمضيت في القراءة سنوات طويلة..  لكن هذه الثلاثية من هذه الكلمات جعلتني أحس أنني أقرأ شيئا لاينسجم مع الناموس .. ولا مع المنطق ..لأنها ضد المنطق والتاريخ والجغرافيا كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي ..وجعلتني هذه العبارة أحس أنني أقرأ مفردات لاتقبل الجمع في مكان واحد ويشبه تنافر كلماتها تنافر الاقطاب المغناطيسية ذات الشحنة الواحدة ..ان قراءة (الحرب الأهلية السورية) بالفعل يشبه آية شيطانية ..أو كأن يقع على مسامعنا تعبير "القرآنات الأربعة" أو "أسفار القرآن" .. مثل قرآن التثنية أو التكوين و و..الخ ..هل سمعتم أن للقرآن أسفارا؟؟ أو كأن نسمع أن للانجيل سورا وآيات؟ فهل للانجيل سور وآيات؟ أو أن أبا لهب قال: من ضربك على خدك الأيسر فأدر له الأيمن ..أو أن السيدة العذراء أكلت كبد الحمزة .. عبارات مستحيلة وكلمات لاتلتقي أبدا حتى لو التقى الخطان المتوازيان.. مثلها مثل الحرب الأهلية السورية..

لمن لم يفهم مشاعري المستهجنة سأقدم تشبيها أكثر بساطة .. هذه الخلطة من الكلمات تشبه وجبة طعام مكونة من صحن من الآيس كريم بالشوكولاته مع صحن برغل أو كشري مع حساء العدس والكوسا والشنكليش الحمصي .. أنا شخصيا لاأستطيع تلبية الدعوة لمائدة كهذه ..والمائدة الصحفية التي عليها هذه المفردات (حرب .. أهلية .. سورية) تشبه الوجبة التي عرضتها للتو ...
ولمن يفهم لغة الأساطير الاغريقية التي تقدم لنا آلهات غريبة ومخلوقات خيالية مثل البغاسوس والغريفين فانها لن تستطيع أن تستولد شيئا ذا معنى من هذه الثلاثية ..حرب ...وأهلية ...وسورية؟؟ انها كمن يصنع مخلوقا له جسم غزال وأرجل فيل ورأس قرد  ..وللثوار لمن لايفهمون في أساطير الأولين، هذا المخلوق المسمى (حرب أهلية سورية) يشبه مخلوقا له جسم حمد بن خليفة ورأسه المهاتما غاندي .. أويشبه رأس يوسف القرضاوي الشريرعلى صورة للسيد المسيح .. أو رأس سعد الحريري الأزعر على جسد بطل كعماد مغنية ..أو أن يكون هناك مخلوق برأس الضئيل الذليل مصطفى عبد الجليل فوق أكتاف ملكة بريطانيا مثلا .. أو مثلا أن يكون رأس برهان غليون على جسد نيلسون مانديللا .. هذه التصاوير  بالضبط مثل تركيب حرب .. أهلية ... سورية..  

ماهذا الهراء؟ حرب ..وأهلية ..وسورية ..؟؟ !! أوبعد هذا التماسك السوري رغم كل محاولات تقطيع الجثث العلني وسمل العيون والفحيح الرهيب للأفاعي المذهبية على الفضائيات ومواقع المعارضة المريضة وفبركات اليوتيوب وبعد القاء القنابل الطائفية العنقودية وفتاوى الكراهية السوداء وهذا القيح والـ (دي دي تي) الذي يبثه وينفثه الاخوان المسلمون في طول البلاد وعرضها مع الأفغان العرب والقرضاوي والعرعور ..و رغم كل هذا الانزال بالمظلات للجثث والأعضاء المقطعة على بيوتنا وعقولنا وعيوننا ...وبعد كل هذا الاخفاق في اطلاق رعونة العصبية المذهبية.. لايزال البعض يأمل بأن حربا أهلية سورية ستقع..

هناك كلمات لايشبه التقاؤها الا التقاء مستحيلا لأشخاص في الحياة فعندما تقبل (الحرب الأهلية) أن تلتقي مع كلمة (سوريا) يمكن عندها قبول انجيلينا جولي بالزواج من الشيخ العبيكان في السعودية.. حيث ولي أمرها في عقد النكاح هو الشيخ اللحيدان والعياذ بالله .. أويمكن  مثلا تحقق نبأ خطوبة كاترينا زيتا جونز من الشيخ عدنان  العرعور (ولو أن العرعور يفضل براد بيت كما يعتقد على نطاق واسع !!) ..وأستغفر الله لي ولها من هذا الكابوس .. ان القبول بسهولة حرب أهلية سورية يشبه القبول بسهولة تشكل رابطة رعوية خيرية تجمع الأم تيريزا مع أمير الجماعة الاسلامية التكفيرية في حادثة عرس الدجيل الرهيبة في العراق ..وأسأل ربي الرحمة من هذا الخيال ..

هذا اللقاء بين هذه الكلمات خيال.. في بلد متماسك يطلق هذه المظاهرات العملاقة الوطنية المليونية العفوية في الشوارع والساحات.. ويتحدى نصف الدنيا.. لاتنهض حرب أهلية بل حرب وطنية عظمى..

ولكن بالمقابل هناك كلمات لاتستطيع أن تفترق عن بعضها وتبقى متلاصقة كالتوائم السيامية وكالأزواج المخلصين والعشاق الذين لايقدرون على الفراق مثل: "المطوّعون والسعودية" و "لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية" ..فلا يوجد مطوعون وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر في هذا الكوكب الجميل الا في السعودية .. وهناك تلاقح وانسجام بين كلمات مثل: بندر بن سلطان وصفقة اليمامة الفاسدة" ..أو مثلا "الأمير حمد الذي غدر بأبيه" .. فلا يوجد في التاريخ أمير اسمه حمد وغدر بأبيه سواه (زوج الست موزة بنت مسند) .. أو مثلا "القرضاوي والفتوى والفتنة" ..فالفتنة تلتصق باسم القرضاوي بالصمغ القوي وتلتحم معه كما الحديد الذائب يلتحم مع الحديد الذائب عند "لحّام الأوكسجين"..

ولاشك أنكم تعرفون أن هناك كلمات تحضر وتأبى الا أن تأتي بصاحبها معها .. مثلا "مبيّض المؤسسات عزمي بشارة" .. وبالطبع لن يحضر هنا الا اسم عزمي بشارة ..أو مثلا "ايليا كوهين الثاني الملقب عزمي بشارة" وحتما عزمي بشارة هو الوحيد الحائز على هذا اللقب ..أو "عزمي الظفيري الأخ الكبير لعلي الظفيري"  .. ومن جديد لاأحد يملأ الفراغ مثل عزمي بشارة (أين هو بالمناسبة؟ وماذا يحضر لنا؟)  ..

وهناك كلمات تحضر وتحضر معها روح صاحبها ورائحته مثل "بيل كلينتون و.....السيكار" حيث يحضر على الفور اسم المسكينة البريئة مونيكا لوينسكي (ضرة السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية) الى هذه العبارة، تماما كما تحضر روح عبد الباري عطوان الى عبارة (الصحفي الطبال) .. فهو الصحفي الوحيد الذي يجيد العزف على أي طبل ..طبول الثورات وطبول المقاومة وطبول الاسلاميين والاشتراكيين وطبول الناتو وطبول المجالس الوطنية ..

وهناك عبارات مستحيلة وكلماتها تشتبك مع بعضها بدموية وعدوانية وضراوة كاشتباك الذئاب مع الضباع حول فريسة .. وتتناطح كتناطح الثيران البرية في موسم التزاوج والالقاح .. هذه العبارات مثلالجمهورية الاسلامية السعودية..انتخابات الرئيس السعودي .. البرلمان السعودي  .. مجلس الشيوخ (الكونغرس) القطري..الدستور القطري .. أو قاعدة العيديد السورية ..أو الثائر الاشتراكي الأممي الرفيق حمد بن جاسم .. موزة بنت مسند أميرة القلوب ..العربي رجب طيب اردوغان .. الخائن صدام حسين ..الملك السعودي المقاوم .. ارتفاع سعر برميل الدم العربي ..العربي النبيل نبيل العربي ..معاهدة السلام السورية الاسرائيلية .. الرئيس السوري برهان غليون ..المخلص لكم أردوغان .. سقوط الرئيس بشار الأسد .. سقوط سوريا .. انهيار سوريا .. وبالطبع أخيرا "الحرب الأهلية السورية"..

وهناك كلمات أيضا تنشأ بينها علاقات حربية وعلاقات حب وكراهية ونزاعات ..فهناك كلمات لاتحب بعضها وتحس بالنفور والتنافر .. وتكاد تسمع صليل  السيوف واحتكاك السكاكين بينها وهي ترفض أن تتجاور في أي نص منطقي ولايمكن جمعها الا في نص خيالي أو عبثي أو كوميدي .. وبكلمة أخرى هذه كلمات تشهر السلاح في وجه الكلمات الأخرى ولاتقبل التصالح معها وتشن حربا عليها ولاتقبل أن تتصافح معها ..يعني يمكن أن تنشأ حرب أهلية بين الكلمات اذا ماحاولت بعض الكلمات التسلل الى جوار كلمات أخرى مثل: "انشقاق الجيش السوري .. سوريا مثل ليبيا ... استسلام الشعب السوري" ..أومثل هذه الثلاثية الشديدة ..الشديدة ...الشديدة التناقضحرب.. أهلية.. سورية..

وهناك عبارات مخلخلة ويحس قارئها أنها تحتاج مسامير لتثبيتها مثل "المجلس السوري الوطني الانتقالي" ..فكلمة "السوري" مرغمة على الجلوس هنا بالقوة ومثبتتة بمسامير ضخمة على صليب المجلس الوطني الانتقالي كما صلب السيد المسيح وفق الأناجيل بالمسامير من يديه ولو كان الأمر بيد هذه الكلمة المعذبة التي تئن لهربت من هذا المكان وأعلنت لجوءا سياسيا في رحاب سورة "قل أعوذ برب الفلق" في القرآن الكريم ..كما أن هذا المكان (بين كلمتي المجلس ... الوطني) في الحقيقة ليس لها بل لكلمة أخرى مغيبة هي "التركي" ..ولو قيّض لها لنزلت كلمة التركي في المكان بسهولة كما تنزل قدم سندريللا في حذائها المفقود لأن هذا المكان الشاغر في عبارة (المجلس ....الانتقالي الوطني) على مقاس هذه الكلمة فقط .. وهذا الحذاء لايناسب قدم كلمة "السوري" بل قدم كلمة "التركي" وربما قدم بسمة قضماني (سندريللا المعارضة) التي أضاعت حذاءها في حفلة استانبول ووجده لها الأمير ...برهان غليون ..الذي يراقصها في كل مؤتمرات المجلس القضماني البرهاني الانتقالي..    

وهناك كلمات تلتقي مع كلمات وتتناسب وترتبط مع بعضها بعلاقات اقتران وزواج ومصاهرة وتنشأ بينها علاقات حب حقيقية مثل: فلسطين وسوريا وايران ولبنان، ويحس قارئها أنها تتبادل الغزل أو تتصافح بحرارة .. فيما لاتستطيع كلمات مثل "ايران .. حماس.. اسرائيل" أن تلتقي بهدوء ووئام دون أن تندلع الحرائق على الورق ويتصاعد الدخان وربما لحظنا خروج صواريخ القسام وصواريخ شهاب بين الكلمات وغارات الكلمات على الكلمات بين هذه المركبات.. والحروف الملتهبة..

وهناك كلمات ترتبط فيما بينها بالسلاسل والحبال ولاتتفرق عن بعضها..مثل: حسن نصر الله وحزب الله ونصر 2006.. بشار الأسد وسوريا ..الشعب السوري المقاوم ..الشعب السوري العظيم ..الشعب السوري المتماسك ..سوريا الملاذ للاجئين العرب ..سوريا قلب الأمة النابض ..
ولكن ماهي العبارات النائمة؟؟  مصطلح العبارات النائمة مثل مصطلح الخلايا النائمة التي تستيقظ على مهل مثل عبارة "المعارك في الجولان المحتل" .. و "قضية لواء اسكنرون السوري" .. "الاصلاح في سوريا" .. "تعديل الدستور السوري" ..."البرلمان السوري" ... "انتخابات الرئاسة السورية" .."الأحزاب المتنافسة السورية" ...الخ ..وهي عبارات تتمطى وتتثاءب معلنة قيامها من سبات طويل وتتنبه الى أن الزمن قد تغير من البيات الشتوي الطويل الى أيام دافئة مشمسة ..وهناك يد رئيس شاب وجيل له عنفوان تربت عليها كي تستفيق من سباتها ..وتقوم..
أخيرا ..

هناك كلمات اذا ماذهبت للقاء كلمات أخرى ترتدي الألماس حول حروفها كما الحسناوات الجميلات ..ونرى الألماس يبرق ويتلألأ حول عنق عبارة مثل:
سوريا ياحبيبتي..

وهناك عبارات كلما التقت بنا كسرت في حنايانا خوابي الخمور وسكرنا وانتشينا بها مثل عبارة
سوريا.. الله حاميها

وهناك عبارات يعرش الياسمين على حروفها وتتدلى الدوالي من بين الحروف ويترعرع الحبق على شرفات حروفها.. وتقطف الورود منها حروفا لتتزين بها ..هذه العبارات مثل:
هذي دمشق وهذي الكأس والراح ... اني أحب، وبعض الحب ذبّاح
أنا الدمشقي لو شرحتم جسدي ... لسال منه عناقيد وتفاح
ولو فتحتم شراييني بمديتكم ... سمعتم في دمي أصوات من راحوا

وللشرح:
العناقيد هم أهل السويداء المعروفون بانتاج العنب .. أما التفاح فهم أهل طرطوس واللاذقية وحمص وحماة ودير الزور وادلب.. والأصوات في الدماء هي أجراس الكنائس والمآذن..اذا كيف تقوم حرب أهلية في هذا الجسد؟ ..
ومايمكن أن يحدث في أي جسد صحيح هو التالي: ..
ككل جسد .. في مكان ما في وسط هذا الجسم الدمشقي الممشوق مكان ضيق لخروج مفردات "الحرب الأهلية السورية" و"الفتنة الطائفية" و "المجلس الوطني الانتقالي" و "مؤتمر استانبول" و "الجامعة العربية" و "حلف الناتو" .. وهي فتحة ضيقة لايمر منها الا أعضاء المجلس الوطني الانتقالي وهيلاري كلينتون وحمد وموزة والقرضاوي وعرعور والشقفة وعزمي بشارة وأردوغان وأوغلو ورضوان زيادة وأيمن عبد النور ووو ..وو.. وبرهان غليون أول الخارجين طبعا مع السندريللا التي ترتدي حذاءها التركي .. وسط هذا الازدحام الشديد ... ترى أين هذا المكان؟ سؤال الى أستاذ تشريح الثورات الدكتور صبحي الحديدي ..

بعد هذا التماسك الاسطوري للشعب السوري.. قال "حرب أهلية سورية" قال !!!