أخيراً يا خالد مشعل!! .. هل تأخرت كثيراً مواسم الزيتون؟

منذ الأسابيع الأولى للأحداث في سورية وأنا أتصفح كل مليمتر على صفحات الانترنت وكل العناوين وأتابع كل نشرات الأخبار في العالم لمعرفة مواقف الجميع للوصول الى قراءة متوازنة لما يحدث ولتقييم مدى صحة موقفي عندما أقيسه بمواقف الأحرار الكبار أيضا.. وقد عثرت على آراء كل الأطياف السياسية في عملية السبر والاستقصاء.. ولكن كنت أبحث عن رأي أحرار حماس بعينهم فلم أجدهم.. طفت الشرق الفضائي وطفت الغرب الالكتروني بحثا عن حماس.. ولكن عبثا ..فقد اختفت حماس تماما من المشهد ولم يعل لها صوت.. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة التركية القطرية في سوريا على مايبدو..


حتى أصدقائي الفلسطينيون المقاتلون الأحرار بدوا حائرين ..لأن من يقود جزءا من الحملة الاعلامية وينخرط في المؤامرة على سوريا كانوا فلسطينيين من عزمي بشارة الى عبد الباري عطوان الى وضاح خنفر .. وباع محمود عباس قيادة الجامعة العربية الى قطر.. فيما صمتت حماس عن الكلام المباح وكأن الحناجر أسكتتها الخناجر .. وانفرد موقع عرب تايمز للفلسطيني أسامة فوزي بالتوازن والموضوعية والجرأة الى أن انجلت الحقائق ..فلم يجامل ولم ينافق وقال رأيا سيحفظه له تاريخ الصحافة الحرة طويلا ..
كنت أعرف أن وضع حماس محرج للغاية وأن تجربة الفلسطينيين مع الشؤون الداخلية العربية لاتشجع على اطلاق مواقف صريحة مع أو ضد طرف من الأطراف ..وأن الحياد هو الموقف السليم والصادق والعقلاني .. فالفلسطينيون لايزالون قريبين جدا من تجربة الراحل ياسرعرفات في الأردن وتجربته في لبنان وأخيرا في قراره بالاصطفاف مع العراق ابان أزمة العراق والكويت ..وفي كل التجارب تم توجيه اللوم للقيادة الفلسطينية من قبل الكثيرين لاتخاذها موقفا مؤازرا لطرف دون آخر باعتبار أن للفلسطينيين همومهم وشؤونهم وهم ضيوف في بلدان العرب وقد دفعوا ثمنا باهظا لاصطفافاتهم .. ومن الحصافة عدم ابداء الرأي في أي نزاع داخلي ..بعد الآن..
وفي الحقيقة لم أتمن من حماس أن تعلن موقفا لصالح الرئيس الأسد ولا لصالح المعارضة السورية الاستانبولية ورأيت أن الحياد موقف سليم في الأسابيع الأولى لأن تفاصيل المؤامرة لم تكن واضحة .. وكنت نفسي أعتقد أن الاحتجاجات الشعبية السورية مبررة لاطلاق عملية اصلاحية بل وتعاطفت مع المحتجين في الأسابيع الأولى لاعتقادي انهم أنقياء أتقياء وطنيون ولايمكن اختراقهم قدمتهم الجزيرة أبرياء براءة الأطفال وتبناهم "المفكر العربي ... عزمي بشارة" ..وكدنا نسير في الخدعة..
لكن ظهر بسرعة أن ماتقوله السلطة عن مخطط خارجي يستحق التأمل والاستقصاء للوصول الى قرار سليم ..فتبين لي بالدليل القاطع أن القضية كلها لعبة خارجية هائلة تفقأ العين وأننا نستدرج لتخريب بلادنا وأن هناك قنبلة قذرة ملوثة نحملها هي الحرية والديمقراطية .. فانكفأت عن قبول التحركات الاحتجاجية بعد 4 أسابيع فقط عندما قام الثورجيون بالتصعيد ورفضوا التهدئة وشككوا في كل نية للاصلاح وكانهم شقّوا على القلوب والصدور وعرفوا مافيها .. ورفضوا اعطاءنا حتى فرصة شهر واحد لاختبار نوايا السلطة قبل جر البلاد الى الفوضى .. ولم أعد أرى فيما سمي ثورة سورية سوى انفلات وفوضى وانتهازية حقيرة ودفعا للغوغاء والدهماء الى الشوارع .. وقررت عندها ارتداء ثياب "الحرب" وحشوت قلمي بالرصاص وحملت جعبة الذخائر من الكلمات الحرة وتركت منتجعات الحياة المسترخية اللامبالية والتحقت بالمعركة مع أصدقاء ووطنيين كثيرين كانوا مثلي قد شغلتهم الحياة والطموحات .. لأقف مع وطني وأرصفة وطني واشجار وطني ودماء وطني ولأقف مع الناس ولأحمي انطلاق الاصلاح مااستطعت ولأكون عينا من بين ملايين العيون ترقب الرئيس الأسد ..تساعده ان أصاب وتقومه ان أخطأ ..
ولكني تمنيت أن أقرأ بعد انقضاء الأسابيع الأولى لما سمي الثورة السورية وانجلاء الغبار أن تنطق حماس ..ليس لأنني أردت اخراجها من حيادها في نزاع داخلي بل لأن نطق حماس كان مهما في نزاع خارجي جدا ولسبب خاص جدا ..
فالعرب وتركيا والقرضاوي والعرعور أطلقوا بسرعة الثورة الدينية بحجة أن الثورة السلمية المطالبة بالحرية تصدى لها الشيعة من ايران الى لبنان ..وصادر الأوغاد كلمات السيد حسن نصرالله التي "دعت السوريين للحوار ولتفهّم مشروع الرئيس الأسد للاصلاح ومنحه فرصة" لاتهامه بمؤازة النظام من منطلق طائفي .. وتم تحشيد آراء البسطاء خلف مقولة أن الثورة "السنية" تسحقها قوى شيعية وانطلقت مشاهد رخيصة وفبركات حقيرة عن استجلاب قتلة ايرانيين ومن حزب الله لقتل السنة .. ورفع المتظاهرون علنا شعارات الشتائم لحسن نصر الله وحزب الله وايران ..لدفعنا للاستنتاج بغباء أن كارثتنا هي في الحرب الشيعية علينا وأن الدم السوري يسال بسلاح حزب الله ..وكان كل ذلك لكي يتم التحضير لخطوة التنازل عن دعم المقاومة وكذلك كي يخف تأثير مواقف الثورجيين الاستانبوليين اذا ما جاهروا بالتخابر مع اسرائيل واذا ما قال برهان غليون علنا أنه سيبدل علاقته بايران لصالح اسرائيل ..وكي يتفهم الناس لقاء الاخوان المسلمين مع الاسرائيليين أعداء الايرانيين وحزب الله من الشيعة قتلة الشعب السوري ..
كانت حماس مطلوبة لكي تقول جهارا كلمة فاصلة بأن المقاومين الأحرار لايقتلون المدنيين الأحرار وطلاب الحرية ..وأن المعركة في سورية ليست سنة وشيعة وأن حماس السنية لم يمسك بيدها الا الشيعة من ايران الى لبنان عندما وأدتها الأنظمة السنية وهي مولودة حية .. وأن المقاومة لامذهب لها كما هي الخيانة .. فالمقاومون العراقيون السنة تناغموا مع مقاتلي جنوب لبنان الشيعة ومقاتلي حماس السنة ..
لو قالت حماس هذا لسحب بساط كبير من الجزيرة وقطر وتركيا وفتاوى القرضاوي الرهيبة وسمع صوتها بين العرب السنة وانتشر التشكيك بسمعة قطر وتركيا ومشروعهما
لم يكن مطلوبا من حماس أن تتدخل في الداخل السوري على الاطلاق لكن كان عليها ان تتدخل وتقول رأيا في التدخل الخارجي بالشأن السوري الداخلي وفي التحريض على سوريا خارجيا من قبل تركيا والناتو وقطر  ..كان كلام حماس ضروريا في أوج الأزمة السورية لتكون كحركة تحرر شريفة بوصلة تصحح عيون الناس الذين اعتقدوا أن تركيا أكثر رأفة بهم من النظام وأن أردوغان الذي أرسل سفن الحرية الى غزة لايكذب ..وأن أمير قطر "الحر" يريدهم أحرارا .. لكن للأسف صمتت حماس وكأن مايقال عن استهداف السنة السوريين صحيح وأن الثورة قامت ضد نظام طائفي صفوي عنصري ..وان تركيا أدرى بمصلحة السنة والأحرار العرب..وأن القرضاوي لاينطق عن الهوى ..
وكانت خيبة أملي كبيرة عندما قال مشعل في آخر خطاباته في ايران كلاما ليس فيه من حرية الأحرار والثوار بل مغطّس بالشوكولا البراغماتية والديبلوماسية التي تعرف لغة المناورة والتجارة والمفاصلة ولعبة الوقوف على التل بانتظار انتصار أحد الطرفين ..بلا
مواقف ولامبادئ
ولم تقل حماس كلاما صريحا من أنها ستغادر أو لن تغادر دمشق الى أي مكان في الدنيا عندما روج العالم ان حماس تخطط للرحيل .. ولم تدافع عن خندقها الدمشقي وعن مظلتها القاسيونية ..وقال رفيق نصر الله ان حماس تواطأت مع تركيا والموجة الاسلامية التي ضربت المنطقة.. ولكن مع كل هذا اكتفت حماس بنفي بارد يحمل معنى اللانفي أيضا ..
بل ان أحد الكتاب الاسلاميين الذين يمثلون ميولا اسلامية وربما ظلالا "حمساوية" وهو ياسر الزعاترة انبرى وانهمك في امطارنا بمقالات على الجزيرة نت ولم يبخل علينا باطلالات فضائية يومية مثل نجوم المسلسلات التركية .. و بمواقف رخيصة تعترف بمراوغة خسيسة أن المقاومة الفلسطينية احتضنت من قبل ايران وسورية وحزب الله ولكن قتل الشعوب يجب أن لانسكت عنه وأن الشعب السوري سيسقط النظام قريبا.. وصار حمزة الخطيب في نظره أغلى من محمد الدرة.. ومن استمع اليه أحس أن ظلال حماس لم تبق محايدة.. ومع هذا لم تقل حماس كلمة واحدة رسميا سوى التمنيات بشفاء المريض السوري..وأنها تعترف بالجميل السوري ولن تتدخل!!
ثم كانت اتفاقية تبادل الأسرى التي أعلنها خالد مشعل من دمشق والتي أطرى فيها كثيرا على دور المخابرات المصرية من بقايا عهد عمر سليمان واثنى على ..قطر الشقيقة ..وهو يعلم أن السوريين ينزفون على الطرقات بسبب مؤامرة قطر الشقيقة وأمير قطر الشقيقة ..وموزة قطر الشقيقة وقرضاوي قطر الشقيقة ..ومال قطر الشقيقة ..وبالكاد مر مشعل على ذكر الحضانة السورية للمقاومة..

انا بالطبع لاأمثل الموقف السوري الرسمي ولاأعرف ان كان هناك تنسيق بين حماس والسلطة السورية لتجنيب حماس الاحراج والانشقاق في صفوفها على اعتبار احتمال وجود تيارات في حماس فربما تمكنت تركيا وقطر خلال فترات "الخلوة" و"الحب" و"الرشوة" من استيلاد حماس بنات صغيرات مثل حماس التركية وحماس القطرية وحماس المصرية ...ولم يبق من حماس الفلسطينية الا حطام الكرسي المتحرك للشيخ الشهيد أحمد ياسين المحفوظ للذكرى ..
لكن مما بدا أخيرا فان حماس قرأت الثورة السورية جيدا واكتشفت أن أردوغان لايمكن أن يكون السلطان عبد الحميد مهما جعجع وزأر انما يريد أن يكون السلطان سليم الأول "من غير فلسطين" طبعا .. وعرفت حماس أن راشد الغنوشي الاسلامي باع فلسطين و"حماسها" بصك غفران في واشنطن فقبض السلطة ودفع الثمن عدّا ونقدا من مهر فلسطين ..وعرفت حماس أن الاسلاميين المصريين لم يريدوا يوما شطب كامب ديفيد وأنهم لن يتخلوا عن اثنين هما القرآن الكريم ومعاهدة السلام مع اسرائيل وأن قدسية كل حرف في المعاهدة تساوي قدسية كل حرف من القرآن ..وأن حصار غزة لم يكن يوما أولوية سياسية بل فك الحصار عن استلام السلطة..واكتشف أهل حماس أن القذافي على تذبذباته وشطحاته كان افضل بكثير من أبو طربوش أحمر مصطفى عبد الجليل ..صديق هنري ليفي .. وأن الثوار الليبيين الاسلاميين سيرحبون بوفد ليبحث عن افضل مكان لسفارة اسرائيل في طرابلس ..وهاهي حماس ترى نيوت غينغريتش يعلن أنه لم يسمع بالفلسطينيين لأنهم اختراع !! .. ومع هذا لايغضب منه أبو الاسلاميين أردوغان (السلطان سليم الأول) ولاأوغلو .. ولم يصدر تنديد واحد من القرضاوي الذي لاأشك أن لاجواب لديه على غينغريتش سوى (ومالو؟؟!!) .. بل ان قطر أهدت للشعب "المخترع" الفلسطيني اختراعا جديدا هو خارطة فلسطين الجديدة بعد الربيع العربي .. أي من غير رأس ولابطن ولاصدر ولاأرجل.. بل فلسطين حسب رؤية المفكر العربي عزمي بشارة و"الشيخ حمد" الذي يعتقد أنه اشترى فلسطين من حماس ومحمود عباس بحفنة دولارات وأعطاها لصديقته تسيبي ليفني ..

هل عرفت حماس الآن أن سوريا والسوريين نالهم مانالهم في كل هذه الثورة الاستانبولية من أجل أن يقول الرئيس الأسد ماقاله برهان غليون عن علاقته باسرائيل والمقاومة؟..وهل عرفت حماس أن الأسد لو قال ماقاله غليون عن استئصاله لدابر المقاومات لأرسل الناتو قواته وطائراته وطيور الأبابيل وحجارة السجّيل لاحراق الثورجيين السوريين بالسلاح الكيماوي والفوسفور الأبيض .. ولأخذ برهان غليون مع رياض الشقفة فورا من استانبول الى أقفاص الحيوانات في غوانتامو في رحلة واحدة دون توقف وألبسا الرداء البرتقالي ..هما وكل شلة المجلس السوري الانتقالي .. ولأرسل الناتو شبيحة المجلس الانتقالي الليبي الى قطر ليحشوا قضيبا حديديا في مؤخرة حمد والقرضاوي وليعرضوا جثتيهما في السوق حتى تتعفنا .. فاسلاميو ليبيا مختصون بالهمجية وهتك الأعراض ودفش قضبان الحديد في المؤخرات وعرض الجثث العارية..على الطريقة الاسلامية الشرعية الحلال !! ..
وأخيرا وبعد طول انتظار قرأنا بالامس أن حماس أعادت انتاج أول تصريح واضح للسيد خالد مشعل ينتقد القرضاوي ويكيل المديح للرئيس الأسد ولايران فيقول:
" إن حكام السنّة في العالم العربي باعوا قضيتنا .. وأبرز شيوخ السنة تخلوا عن أهلنا ..ولم تجد حركة حماس سوى الرئيس بشار الاسد ليحميها ويدعمها ويقف إلى جانبها، وحين طردنا الحكام العرب السنة آوتنا سوريا وبشارها، وحين أقفلت ابواب المدن في وجهنا فتحت لنا سوريا قلبها وحضنت جراحنا ، لذا اقول للشيخ القرضاوي من منطلق المحب العاتب ، إتق الله يا شيخ بفلسطين فسوريا هي البلد الوحيد الذي لم يتآمر علينا ويدعمنا وما تقوله عن عن وحدتها الدينية يصيب قلب كل فلسطيني بالحزب ويخدم إسرائيل ولا احد غير إسرائيل..

إن الشيخ القرضاوي يتحدث عن الاحداث في سوريا كما لم يتحدث عن الاحداث التي جرت في مصر فهناك دعى إلى الوحدة بين الاقباط والمسلمين وبين السلفيين والاخوان وبين المذكورين وبين العلمانيين وهنا في سوريا يدعو إلى القتال بين السنة والمسلمين العلويين ؟؟ سبحان الله..

إننا في حركة المقاومة الاسلامية حماس نشهد أنه لا مسلم قدم لفلسطين ما قدمه لها بشار الاسد ولا سني ضحى وخاطر بحكمه وببلده من أجل فلسطين ورفضا للتضييق على المقاومة الفلسطينية كما فعل بشار الأسد وعلى الشيخ القرضاوي إن لم يكن لديه معطيات حقيقية عن سورية أن يستمع إلى الشعب السوري وإلى علماء الدين من أبنائه ليعرف ان في هذا البلد يملك أهل السنة من الحرية والكرامة والعزة بالله ما لا يملكه غيرهم في بلاد يحكمها سنة ولكنهم ضعفاء أمام الامريكي ومتخاذلون عن نصرة فلسطين" ..     
 
هذا الاعتراف من السيد خالد مشعل واعادة الانتاج له أراحني لأنه أول دليل على أن المعركة بدأت بالانقشاع .. وربما بدأ الواقفون على التلة ينحدرون منها نحو معسكر الرئيس بشار الأسد ليقينهم أنه المنتصر .. أو أن الخشية من انشقاق حماس انتهى بعد أن أدرك فرع قطر وتركيا في حماس ان الغلبة صارت محسومة لفريق الرئيس الأسد الذي بعد عشرة أشهر لم يظهر بين ديبلوماسييه شلقم واحد (شلقم وزير خارجية ليبيا الغبي الذي أعلن انشقاقه عن القذافي بتأثر وانفعال فيما بان كيمون يربت على كتفه ويشد على يديه مباركا شجاعته ..الى أن شرب شلقم والشلقميون المقلب وهو الآن يرغي ويزبد ويهدد قطر دون أن يرد عليه أحد) ولم يخرج عن الجيش السوري ضابط كبير معتبر.. يقود الثوار ..بل بقي لدى الأسد جيش جرار متماسك وشعب واسع لايضحك عليه حتى دهاة الانس ودهاة الجان ..
لكن ياسيد خالد مشعل دعني أعاتبك وأعاتب حماس على هذا التأخير من باب الألم الشديد .. فالثورات يا سيدي الكريم ليست دولا ولاتمارس السياسة بل المواقف والنزق والمغامرة الوطنية .. والموقف الشهم الذي كان على قيادة حماس اتخاذه في ذروة الأحداث هو:
 لن نتدخل في شأن سوريا الداخلي ولكن في التدخل الاقليمي والخارجي فاننا مهما أحببنا تركيا فسنحب سوريا أكثر ....وأن فلسطين لسوريا بقدر ماهي سوريا لسوريا .. لأن فلسطين هي جنوب سوريا وليست جنوب تركيا وأن من في شمال فلسطين هو سوريا وليست تركيا ..وأن أهل نابلس أيام العثمانيين كانوا عندما يتسوقون ويشترون لبناتهم الفساتين والموضة ولرجالهم الشالات والكوفيات كانوا يتسوقون من سوق الحميدية في الشام وليس من استانبول ..وأن ثلاث دقائق في دافوس لايجب أن تعادل عمر ستين عاما من مؤازرة سوريا لنا ..وأن سفينة الحرية وشهداء تركيا التسعة لايجب أن يرجحوا على كفة فيها مئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والنازحين السوريين من أجل فلسطين ..
وأن قطر ليست الا دفتر شيكات لكن الرصيد في نيويورك ..وأن الثورات تكسب عندما تمسك الرماح العالية كقامة الرئيس الاسد وليس الأثقال والفيلة الغبية مثل حمد .. وأن الموز سيبقى موزا ولن يصير أسيافا ..
أما سوريا المقاومة الحالية فهي عمق وجذر وتراب وشعب وأول حرف .. وحاضنة دافئة وأم سخية وحكاية طويلة وعروق دماء ..فكيف نبيع سوريا بما تمثله الآن ..مقابل رصيد لايصرف الا في نيويورك..؟؟!!

أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا في قراءتي لحماس ياسيد خالد مشعل..وأتمنى من كل قلبي ألا نصدم ونحن نسحب الخناجر من جسد سوريا وظهر الرئيس الأسد بعد هذه المعركة أن نكتشف أن أحدها له مقبض عليه توقيع حماس ..
ودعني في النهاية أسمح لنفسي بالقاء محاضرة صغيرة على مقاتل مثل خالد مشعل عتيد احترمته وصليت لنجاته يوم حقن بالسم في شوارع عمان .. وأنا أقل منك تجربة نضالية وأنت تسير بين الرصاص ومحاولات الاغتيال في منافي العرب:
الحياة ومواقف الحياة لاتقرأ كمعادلات الرياضيات بتجرد وجمود ..لكن هناك مقاييس وأبعاد هندسية للمسافات بين الصحيح والخاطئ ..فقضية فلسطين هي دوما ميزان الذهب الدقيق الذي يعطي وزن كل سياسي عربي وأجنبي  وبها يعرف نقاء الذهب السياسي من غشه بالخلائط المعدنية والنحاس ..فلسطين هي البوصلة التي تحدد بالضبط موقع كل شخص على الخارطة ..وهي القبلة التي يجب أن تتجه اليها الجباه السياسية في الصلاة ..وكل جبهة سياسية  تتوجه لغير "القبلة" الفلسطينية هي بنظرنا "مشركة سياسيا" ..واللوح المحفوظ لكل سياسي يعتبر أن الحسنات هي كل ماارتبط بتحرير فلسطين ..
 
أتمنى ياصديقي العزيز على قلبي من أعماق اعماقي أن لايحس الشعب  السوري أن ماتقوله الآن هو ماقالته بخيبة ومرارة - من بعد طول انتظار -احدى مسرحيات الرحابنة:
اتأخرتي كتير حتى تعطي .. يامواسم الزيتون
 
أتمنى أن تهدينا حماس منذ اليوم خرزا .. وشقائق نعمان .. بعدما تأخرت مواسم زيتونها ..وثق أننا لانزال نحب حماس ونثق بها ولكن الكثيرين يقولون لنا:هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين !! فهلاّ ساعدتنا ؟؟!!
وتقبل تحية الحب والحرية.. وعاشت فلسطين.. من البحر الى النهر.. ولتغرق اسرائيل في البحر